الثلاثاء، 21 يوليو 2015

نظريات تفسير التاريخ

نظريات تفسير التاريخ
التعاقب الدوري في تفسير التاريخ
هو اتجاه يرى أن " التاريخ يسير في دورات متتالية ومتشابهة ، بحيث تعود الأحداث السابقة من جديد بأشكال متقاربة ، وتترتب عليها النتائج نفسها ".
والمهم ان بعض النظريات الحديثة تشرح الديناميكا الدورية وديناميكا التطور في نفس الوقت.
ويرى هذا الاتجاه أن للحضارات أدواراً كأدوار الليل والنهار، والفصول الأربعة، أو سائر ظواهر الكون.
بمعنى أن الحضارات تبدأ صغيرة، ثمّ تكبر وتشبّ، ثمّ تأخذ في الهرم، ثمّ تأخذ بالسقوط.
فالتاريخ من هذا المنطلق مثل دورة القمر ، هلال ثم بدر تام ، ثم يتوارى في الأفق شيئاً
فشيئا حتى الخسوف الكامل ثم يظهر الهلال الجديد وهكذا دواليك .
ويرى هذا الاتجاه أن كل شيء يختفي من الوجود يعود مرة أخرى من جديد وهى حلقات متشابهة ، كل بداية لابد وان يعقبها نهاية ، وكل نهاية يعقبها تكرار للبداية الأولى .
ويرى هذا الاتجاه أيضاً أن التاريخ يسير في صيرورة وديمومة دائرية يخضع لها الإنسان والشعوب والحضارات .
وهذا الإيقاع الدائري لا يخرج عن ثلاثة مراحل هي :
البداية – النمو – النهاية
الميلاد – الشباب – الشيخوخة
أو النمو – الصعود – الهبوط الخ
وأهم ما يوجه لذلك الاتجاه من نقد هو أنه عقيم لا يأتي بجديد وكأن الحياة ثابتة نمطية أحداث تكرر نفسها فقط دون أن يسير التاريخ إلى الأمام .
وأهم من يمثل تلك النظرية ( أفلاطون – ابن خلدون – فيكو
نظرية المادية التاريخيّة
1- تمهيد:
حين نتناول الماركسية على الصعيد الاقتصادي، لا يمكننا أن نفصل بين وجهها المذهبي، المتمثل في الاشتراكية والشيوعية الماركسية، ووجهها العلمي المتمثل في المادية التاريخية، أو المفهوم المادي للتاريخ، الذي زعمت الماركسية أنها حددت فيه القوانين العلمية العامة، المسيطرة على التاريخ البشري واكتشفت في تلك القوانين النظام المحتوم لكل مرحلة تاريخية من
حياة الإنسان، وحقائقها الاقتصادية المتطورة على مر الزمن.
وهذا الترابط الوثيق بين المذهب الماركسي، والمادية التاريخية، سوف ينكشف خلال البحوث الآتية أكثر فأكثر إذ يبدو في ضوئها بكل وضوح، أن الماركسية المذهبية، ليست في الحقيقة إلا مرحلة تاريخية معينة، وتعبيراً محدوداً نسبياً عن المفهوم المادي المطلق للتاريخ، فلا يمكن أن نصدر حكماً في حق الماركسية المذهبية، بصفتها مذهباً له اتجاهاته و خطوطه الخاصة،
إلا إذا استوعبنا الأسس الفكرية التي ترتكز عليها، وحددنا موقفنا من المادية التاريخية، بوصفها القاعدة المباشرة للمذهب، والهيكل المنظم لقوانين الاقتصاد والتاريخ، التي تملي_في زعم الماركسية_على المجتمع مذهبه الاقتصادي، وتصنع له نظامه في الحياة طبقاً، لمرحلته التاريخية وشروطه المادية الخاصة.
والمادية التاريخية إذا أدت امتحانها العلمي، ونجحت فيه، كانت هي المرجع الأعلى في تحديد المذهب الاقتصادي، والنظام الاجتماعي، لكل مرحلة تاريخية من حياة الإنسان. وأصبح من الضروري أن يدرس كل مذهب اقتصادي واجتماعي، من خلال قوانينها، وفي ضوئها. كما وجب أن يرفض تصديق أي مذهب اقتصادي واجتماعي، يزعم لنفسه القدرة على استيعاب عدة أدوار تاريخية مختلقة، كالإسلام، المؤمن بإمكانية إقامة المجتمع، وعلاقاته الاقتصادية والسياسية على أساسه بقطع النظر عما طرأ على المجتمع من تغيير في شروطه المدنية والمادية، خلال أربعة عشر قرناً، ولأجل هذا يقرر انجلز_على أساس المادية التاريخية بوضوح:
(إن الظروف التي ينتج البشر تحت ظلها،تختلف بين قطر و آخر، وتختلف في القطر الواحد من جيل لآخر.لذا فليس من الممكن أن يكـون للأقطار كافة، وللأدوار التاريخية جمعاء، اقتصاد سياسي واحد)
وأما إذا فشلت المادية التاريخية في أداء مهمتها العلمية المزعومة، وثبت لدى التحليل أنها لا تعبّر عن القوانين الصارمة الأبدية، للمجتمعات البشرية، فمن الطبيعي عندئذ أن تنهار الماركسية المذهبية، المرتكزة عليها. ويصبح من الممكن علمياً عند ذاك، أن يتبنى الشخص المذهب الذي لا تقره قوانين المادية التاريخية، كالمذهب الإسلامي، ويدعو إليه، بل وأن يزعم له من العموم وقدرة الاستيعاب، ما لا يتفق مع منطق الماركسية في التاريخ.
ولهذا نجد لزاماً على كل باحث مذهبي في الاقتصاد، أن يلقي نظرة شاملة على المادية التاريخية، لكي يبرر وجهة نظره المذهبية، ويستطيع أن يحكم في حق الماركسية المذهبية، حكماً أساسياً شاملاً.
وعلى هذا الأساس سوف نبدأ في بحثنا_مع الماركسية_بالمادية التاريخية، ثم نتناول المذهب الماركسي، الذي يرتكز عليها. وبمعني آخر ندرس:
أولاً: علم الاقتصاد والتاريخ الماركسي. وثانياً: مذهب الماركسية في الاقتصاد.

نظريات العامل الواحد:
والمادية التاريخية طريقة خاصة في تفسير التاريخ، تتجه إلى تفسيره بعامل واحد وليس هذا الاتجاه في المادية التاريخية فريداً من نوعه، فقد جنح جمهور من الكتاب والمفكرين، إلى تفسير المجتمع والتاريخ بعامل واحد، من العوامل المؤثرة في دنيا الإنسان، إذ يعتبرونه المفتاح السحري الذي يفتح مغاليق الأسرار، ويمتلك الموقف الرئيسي في عمليات التاريخ. ويفسرون
العوامل الأخرى على أنها مؤثرات ثانوية، تتبع العامل الرئيسي في وجودها وتطورها، وفي تقلباتها واستمرارها.
* * *
فمن ألوان هذا الاتجاه إلى توحيد القوة المحركة للتاريخ في عامل واحد،الرأي القائل: بالجنس كسبب أعلى في المضمار الاجتماعي فهو يؤكد أن الحضارات البشرية، والمدنيات الاجتماعية، تختلف بمقدار الثروة المذخورة في صميم الجنس، وما ينطوي عليه من قوى الدفع والتحريك، وطاقاتالإبداع والبناء، فالجنس القوي النقي المحض، هو مبعث كل مظاهر الحياة في
المجتمعات الإنسانية، منذ الأزل إلى العصر الحديث، وقوام التركيب العضوي والنفسي في الإنسان وليس التأريخ إلا سلسلة مترابطة من ظواهر الكفاح بين الأجناس والدماء التي تخوض معركة الحياة في سبيل البقاء،فيكتب فيها النصر للدم النقي القوي، وتموت في خضمه الشعوب الصغيرة،وتضمحل وتذوب، بسبب ما تفقده من طاقات في جنسها، وما تخسره من
قابلية المقاومة النابعة من نقاء الدم.
* * *
ومن تفسيرات التاريخ بالعامل الواحد: المفهوم الجغرافي للتأريخ، الذي يعتبر العامل الجغرافي والطبيعي أساساً لتأريخ الأمم والشعوب، فيختلف تأريخ الناس، باختلاف ما يكتنفهم من العوامل الجغرافية والطبيعية،لأنها هي التي تشق لهم طريق الحضارة الراقية، وتوفر لهم أسباب المدنية، وتفجّر في عقولهم الأفكار البنّاءة أحياناً، وتوصد في وجوههم الأبواب، وتفرض عليهم السير في مؤخر القافلة البشرية أحياناً أخرى، فالعامل الجغرافي هو الذ يكيّف المجتمعات، بما يتفق مع طبيعته ومتطلباته.
* * *
وهناك تفسير ثالث بالعامل الواحد، نادى به بعض علماء النفس قائلاً:
 إن الغريزة الجنسية، هي السر الحقيقي الكامن وراء مختلف النشاطات الإنسانية، التي يتألف منها التاريخ والمجتمع فليست حياة الإنسان إلا سلسلة من الاندفاعات الشعورية، أو اللاشعورية عن تلك الغريزة.
* * *
وآخر هذه المحاولات، التي جنحت إلى تفسير التأريخ والإنسان بعامل واحد، هي المادية التاريخية التي بشر بها كارل ماركس، مؤكداً فيها:
إن العامل الاقتصادي، هو العامل الرئيسي، والرائد الأول للمجتمع في نشوئه وتطوره والطاقة الخلاقة لكل محتوياته الفكرية والمادية، وليست شتى العوامل الأخرى، إلا بنيات فوقية في الهيكل الاجتماعي للتأريخ، فهي تتكيف وفقاً للعامل الرئيسي، وتتغير بموجب قوته الدافعة، التي يسير في ركبها التأريخ والمجتمع.
* * *
وكل هذه المحاولات لا تتفق مع الواقع ولا يقرّها الإسلام، لأن كل واحد منها قد حاول أن يستوعب بعامل واحد، تفسير الحياة الإنسانية كلها، وأن يهب هذا العامل من ادوار التأريخ وفضول المجتمع، ما ليس جديراً به لدى الحساب الشامل الدقيق.
والهدف الأساسي من بحثنا هذا، هو: دراسة المادية التاريخية من تلك المحاولات وإنما استعرضناها جميعاً لأنها تشترك في التعبير عن اتجاه فكري في تفسير الإنسان المجتمعي بعامل واحد.
العامل الاقتصادي أو المادية التاريخية ولنكوّن الآن فكرة عامة عن المفهوم الماركسي للتاريخ، الذي يتبنى العامل الاقتصادي، بصفته المحرك الحقيقي لموكب البشرية في كل الميادين.
فالماركسية تعتقد أن الوضع الاقتصادي لكل مجتمع، هو الذي يحدد أوضاعه الاجتماعية، والسياسية، والدينية، والفكرية، وما إليها من ظواهر الوجود الاجتماعي. والوضع الاقتصادي بدوره له سببه الخاص به، ككل شيء في هذه الدنيا. وهذا السبب الرئيسي لمجموع التطور الاجتماعي، وبالتالي لكل حركة تاريخية في حياة الإنسان_هو وضع القوة المنتجة ووسائل الإنتاج.
فوسائل الإنتاج هي القوة الكبرى، التي تصنع تاريخ الناس وتطورهم وتنظمهم.
وهكذا تضع الماركسية يدها على رأس الخيط، وتصل إلى تسلسلها الصاعد إلى السبب الأول، في الحركة التاريخية بمجموعها.
وهنا يبدو سؤالان: ما هي وسائل الإنتاج؟. وكيف تنشأ عنها الحركة التاريخية، والحياة الاجتماعية كلها؟.
وتجيب الماركسية على السؤال الأول: بأن وسائل الإنتاج هي الأدوات التي يستخدمها الناس في إنتاج حاجاتهم المادية ذلك أن الإنسان مضطر إلى الصراع مع الطبيعة في سبيل وجوده، وهذا الصراع يتطلب وجود قوي وأدوات معينة، يستعملها الإنسان في تذليل الطبيعة واستثمار خيراتها.
وأول أداة استخدمها الإنسان في هذا المجال، هي: يده وذراعه. ثم أخذت الأداة تظهر في حياته شيئاً فشيئاً، فاستفاد من الحجر بصفته كتله ذات ثقل خاص في، القطع، والطحن، والطرق. واستطاع بعد مرحلة طويلة من التأريخ، أن يثبت هذه الكتلة الحجرية على مقبض فنشأت المطرقة.
وأصبحت اليد تستخدم في تكوين الأداة المنتجة، لا في الإنتاج المباشر، وصار الإنتاج
يعتمد على أدوات منفصلة، وأخذت هذه الأدوات تنمو وتتطور كلما ازدادت سلطة الإنسان على الطبيعة، فصنع الفؤوس، والحراب، والسكاكين الحجرية، ثم تمكن بعد ذلك أن يخترع القوس والسهم ويستعملهما في الصيد.
وهكذا تدرّجت القوى المنتجة تدرجاً بطيئاً، خلال آلاف السنين، حتى وصلت إلى مرحلتها التاريخية الحاضرة، التي أصبح فيها البخار، والكهرباء،والذرة، هي الطاقات التي يعتمد عليها الإنتاج الحديث. فهذه هي القوى المنتجة التي تصنع للإنسان حاجاته المادية.
وتجيب الماركسية على السؤال الثاني أيضاً: بأن الوسائل المنتجة تولد الحركة التاريخية، طبقاً لتطوراتها وتناقضاتها. وتشرح ذلك قائلة إن القوى المنتجة في تطور ونمو مستمر، كما رأينا وكل درجة معينة من تطور هذه القوى والوسائل، لها شكل خاص من أشكال الإنتاج. فالإنتاج الذي يعتمد على الأدوات الحجرية البسيطة، يختلف عن الإنتاج القائم على السهم، والقوس، وغير هما، من أدوات الصيد، وإنتاج الصائد، يختلف عن إنتاج الراعي أو المزارع، وهكذا يصبح لكل مرحلة من تاريخ المجتمع البشري، أسلوبه الخاص في الإنتاج، وفقاً لنوعية القوى المنتجة، ودرجة نموها وتطورها.
ولما كان الناس في نضالهم مع الطبيعة، لاستثمارها في إنتاج الحاجات المادية ليسوا منفردين، منعزلاً بعضهم عن بعض، بل ينتجون في جماعات وبصفتهم أجزاء من مجتمع مترابط، فالإنتاج دائماً ومهما تكن الظروف إنتاج اجتماعي. ومن الطبيعي حينئذ، أن يقيم الناس بينهم علاقات معينة، بصفتهم مجموعة مترابطة خلال عملية الإنتاج.
وهذه العلاقات_علاقات الإنتاج _التي تقوم بين الناس، بسبب خوضهم معركة موحدة ضد الطبيعة، هي في الحقيقة علاقات الملكية،التي تحدد الوضع الاقتصادي، وطريقة توزيع الثروة المنتجة في المجتمع وبمعني آخر: تحدد شكل الملكية المشاعية، أو العبودية،أو الإقطاعية،
أو الرأسمالية، أو الاشتراكية ونوعية المالك، وموقف كل فرد من الناتج الاجتماعي.
وتعتبر هذه العلاقات(علاقات الإنتاج، أو علاقات الملكية) من وجهة رأي الماركسية_الأساس الواقعي، الذي يقوم عليه البناء العلوي للمجتمع كله فكل العلاقات السياسية، والحقوقية، والظواهر الفكرية، والدينية مرتكزة على أساس علاقات الإنتاج(علاقات الملكية).
 لأن علاقات الإنتاج، هي التي تجدد شكل الملكية السائد في المجتمع، والأسلوب الذي يتم بموجبه تقسيم الثروة على أفراده. وهذا بدوره، هو الذي يحدد الوضع السياسي، والحقوقي والفكري، والديني، بصورة عامة.
ولكن إذا كانت كل الأوضاع الاجتماعية، تنشأ وفقاً للوضع الاقتصادي وبتعبير آخر: تنشأ وفقاً لعلاقات الملكية(علاقات الإنتاج)،فمن الضروري أن نتساءل عن علاقات الإنتاج هذه كيف تنشأ؟ وما هو السبب الذي يكوّن ويكيف الوضع الاقتصادي للمجتمع؟.
وتجيب المادية التاريخية على ذلك: أن علاقات الإنتاج(علاقات الملكية)، تتكون في المجتمع بصورة ضرورية، وفقاً لشكل الإنتاج، والدرجة المعينة التي تعيشها القوي المنتجة. فلكل درجة من نمو هذه القوى، علاقات ملكية ووضع اقتصادي، يطابق تلك الدرجة من تطورها. فالقوى
المنتجة هي التي تنشيء الوضع الاقتصادي، الذي تتطلبه وتفرضه على المجتمع ويتولد عن الوضع الاقتصادي، وعلاقات الملكية عندئذ، جميع الأوضاع الاجتماعية، التي تطابق ذلك الوضع الاقتصادي و تتفق معه.
ويستمر الوجود الاجتماعي على هذه الحال، حتى تبلغ قوى المجتمع المنتجة درجة جديدة من النمو والتطور فتدخل في تناقض مع الوضع الاقتصادي القائم لأن هذا الوضع، إنما كان نتيجة للمرحلة أو الدرجة،التي تخطتها قوى الإنتاج إلى مرحلة جديدة، تتطلب وضعاً اقتصادياً جديداً،
وعلاقات ملكية من نمط آخر، بعد أن أصبح الوضع الاقتصادي السابق،معيقاً لها عن النمو. وهكذا يبدأ الصراع بين القوى المنتجة لوسائل الإنتاج،في مرحلتها الجديدة من ناحية، وعلاقات الملكية والأوضاع الاقتصادية،التي خلفتها المرحلة السابقة لقوى الإنتاج من ناحية أخرى.
وهنا يأتي دور الطبقية في المادية التاريخية. فإن الصراع بين القوى المنتجة النامية، وعلاقات الملكية القائمة، ينعكس على الصعيد الاجتماعي دائماً، في الصراع بين طبقتين: أحداهما: الطبقة الاجتماعية، التي تتفق مصالحها مع نمو القوي المنتجة، ومستلزماته الاجتماعية. والأخرى الطبقة الاجتماعية، التي تتفق مصالحها مع علاقات الملكية القائمة، وتتعارض
منافعها مع متطلبات المد التطوري للقوى المنتجة.ففي المرحلة التاريخية الحاضرة مثلاً يقوم التناقض بين نمو القوى المنتجة، والعلاقات الرأسمالية في المجتمع. ويشب الصراع تبعاً لذلك، بين الطبقة العاملة، التي تقف إلى صف القوي المنتجة في نموها، وترفض بإصرار ووعي طبقي علاقات الملكية الرأسمالية، وبين الطبقة المالكة، التي تقف جانب العلاقات
الرأسمالية في الملكية، وتستميت في الدفاع عنها.
وهكذا يجد التناقض، بين قوى الإنتاج، وعلاقات الملكية_دائماً_مدلوله الاجتماعي، في التناقض الطبقي.
ففي كيان المجتمع_إذن_تناقضان: الأول: التناقض بين نمو القوي المنتجة، وعلاقات الملكية السائدة، حين تصبح معيقة لها عن التكامل.
والثاني: التناقض الطبقي، بين طبقة من المجتمع، تخوض المعركة لحساب القوى المنتجة، وطبقة أخرى، تخوضها لحساب العلاقات القائمة.
 وهذاالتناقض الأخير، هو التعبير الاجتماعي والانعكاس المباشر، للتناقض الأول ولما كانت وسائل الإنتاج، هي القوى الرئيسية في دنيا التاريخ فمن الطبيعي أن تنتصر في صراعها، مع علاقات الملكية ومخلفات المرحلة القديمة.
فتقضي على الأوضاع الاقتصادية، التي أصبحت في تناقض معها وتقيم علاقات وأوضاعاً اقتصادية تواكبها في نموها وتنسجم مع مرحلتها.
ومعنى ذلك بالتعبير الاجتماعي: أن الطبقة الاجتماعية التي كانت تقف في المعركة إلى صف القوى المنتجة، هي التي يكتب لها النصر على الطبقة الأخرى التي كانت تناقضها، وتحاول الاحتفاظ بعلاقات الملكية كما هي.
وحين تنتصر قوى الإنتاج على علاقات الملكية، وبمعنى آخر: تفوز الطبقة الحليفة لوسائل الإنتاج، على نقيضتها حينئذ تتحطم علاقات الملكية القديمة، ويتغير الوجه الاقتصادي للمجتمع. وتغير الوضع الاقتصادي بدوره، يزعزع كل البناء العلوي الهائل للمجتمع، من سياسة، وأفكار،وأديان، وأخلاق لأن هذه الجوانب كلها، كانت تقوم على أساس الوضع الاقتصادي فإذا تبدل الأساس الاقتصادي، تغير وجه المجتمع كله.
والمسألة لا تنتهي عند هذا الحد فان التناقض بين قوى الإنتاج، وعلاقات الملكية، أو التناقض بين الطبقتين الممثلتين لتلك القوى والعلاقات، إن هذا التناقض وإن وجد حله الآتي، في تغير اجتماع شامل، غير أنه حل موقوت.
لأن القوى المنتجة، تواصل نموها وتطورها حتى تدخل مرة أخرى في تناقض، مع علاقات الملكية والأوضاع الاقتصادية الجديدة. ويتمخض هذا التناقض، عن ولادة طبقة اجتماعية جديدة، تتفق مصالحها مع النمو الجديد في قوى الإنتاج ومتطلباته الاجتماعية. بينما تصبح الطبقة، التي كانت حليفة لقوى الإنتاج، خصماً لها منذ تلك اللحظة، التي بدأت الوسائل المنتجة تتناقض مع مصالحها، وما تحرص عليه من علاقات الملكية.
فتشتبك الطبقتان في معركة جديدة، كمدلول اجتماعي للتناقض بين قوى الإنتاج، وعلاقات الملكية. وينتهي هذا الصراع إلى نفس النتيجة، التي أدى إليها الصراع السابق. فتنتصر قوى الإنتاج على علاقات الملكية.
وبالتالي تنتصر الطبقة الحليفة لها، ويتغير تبعاً لذلك الوضع الاقتصادي وكل الأوضاع الاجتماعية.
وهكذا، فإن علاقات الملكية، والأوضاع الاقتصادية، تظل محتفظة بوجودها الاجتماعي، ما دامت القوى المنتجة تتحرك ضمنها وتنمو، فإذا أصبحت عقبة في هذا السبيل، أخذت التناقضات تتجمع، حتى تجد حلها في انفجار ثوري، تخرج منه وسائل الإنتاج منتصرة، وقد حطمت العقبة من أمامها. وأنشأت وضعاً اقتصادياً جديداً، لتعود بعد مدة من نموها، إلى مصارعته من جديد، طبقاً لقوانين الديالكتيك، حتى يتحطم ويندفع التاريخ إلى مرحلة جديدة.
المادية التاريخية والصفة الواقعة وقد دأب الماركسيون، على القول بأن المادية التاريخية، هي الطريقة العلمية الوحيدة لإدراك الواقع الموضوعي، التي قفزت بالتاريخ إلى مصاف العلوم البشرية الأخرى، كما حاول بعض الكتّاب الماركسيين بإصرار.
اتهام المناوئون للمادية التاريخية، والمعارضين لطريقتها، في تفسير الإنسان المجتمعي: بأنهم أعداء علم التاريخ وأعداء الحقيقة الموضوعية، التي تدرسها المادية التاريخية وتفسرها. ويبرر هؤلاء اتهامهم هذا. بأن المادية التاريخية تقوم على أمرين: أحدهما: الإيمان بوجود الحقيقة الموضوعية والآخر: أن الأحداث التاريخية لم تخلق صدفة، وإنما وجدت وفقاً لقوانين عامة يمكن دراستها وتفهمها. فكل معرضة للمادية التاريخية، مردها إلى المناقشة في هذين الأمرين.
وعلى هذا الأساس كتب بعض الماركسيين يقول:
(قد دأب أعداء المادية التاريخية، أعداء علم التاريخ على أن يفسروا الاختلافات في إدراك الأحداث التاريخية، على أنها دليل على عدم وجود حقيقة ثابتة، ويؤكدون أننا قد نختلف في وصف حادث وقع قبل يوم، فكيف بأحداث قد وقعت قبل قرون)
وقد شاء الكاتب بهذا، أن يفسر كل معارضة للمادية التاريخية، على أساس أنها محاولة للتشكيك في الجانب الموضوعي للتاريخ، وفي الحقائق الموضوعية للأحداث التاريخية. وهكذا يحتكر الكاتب، الإيمان بالواقع الموضوعي، لمفهومه التاريخي الخاص.
ولكن من حقنا أن نتساءل: هل أن عداء المادية التاريخية، يعني حقاً التشكيك في وجود الحقيقة، خارج شعور الباحث وإدراكه أو إنكارها؟ والواقع أننا لا نجد في هذه المزاعم شيئاً جديداً على الصعيد التاريخي، فقد استمعنا إلى هذا اللون من المزاعم قبل ذلك في الحقل الفلسفي، حين تناولنا في(فلسفتنا) المفهوم الفلسفي للعالم. فان الماركسيين كانوا يصرون:
أن المادية، أو المفهوم المادي للعالم، هون وحده الاتجاه الواقعي، في مضمار البحث الفلسفي. لأنه اتجاه قائم على أساس الإيمان بالواقع الموضوعي للمادة،وليس للمسألة الفلسفية جواب إذا انحرف البحث عن الاتجاه المادي، إلا المثالية التي تكفر بالواقع الموضوعي، وتنكر وجوده المادة فالكون إما أن يفسر تفسيراً مثالياً لا مجال فيه لواقع موضوعي مستقل عن الوعي
والشعور، وإما أن يفسر بطريقة علمية، على أساس المادية الديالكتيكه..
وقد مر بنا في(فلسفتنا) أن هذه الثنائية تزوير على البحث الفلسفي يستهدف من وارئه اتهام كل خصوم المادية الجدلية، بأنهم تصوريون مثاليون، لا يؤمنون بالواقع الموضوعي للعالم، بالرغم من أن الإيمان بهذا الواقع، ليس وقفاً على المادية الجدلية فحسب ولا يعني رفضها بحال من
الأحوال، التشكيك في هذا الواقع أو إنكاره...
وكذلك القول في حقلنا الجديد، فإن الإيمان بالحقيقة الموضوعية للمجتمع، ولأحداث التاريخ، لا ينتج الأخذ بالمفهوم المادي، فهناك واقع ثابت لأحداث التاريخ، وكل حدث في الحاضر أو الماضي قد وقع فعلاً بشكل معين، خارج شعورنا بتلك الأحداث وهذا ما نتفق عليه جميعاً. وليس هو من مزايا المادية التاريخية فحسب، بل يؤمن به كل من يفسر أحداث التاريخ أو تطوراته، بالأفكار، أو بالعامل الطبيعي، أو الجنسي،أو بأي شيء آخر من هذه الأسباب. كما تؤمن به الماركسية، التي تفسر التاريخ بتطور القوى المنتجة. فالإيمان بالحقيقة الموضوعية، هو نقطة الإنطلاق لكل تلك المفاهيم عن التاريخ، والبديهة الأولى التي تقوم تلك التفسيرات المختلفة على أساسها.
* * *
وشيء آخر: أن أحداث التاريخ بصفتها جزءاً من مجموعة أحداث الكون، تخضع للقوانين العامة، التي تسيطر على العالم. ومن تلك القوانين مبدأ العلية القائل: إن كل حدث، سواء أكان تاريخياً أو طبيعياً، أم أي شيء آخر لا يمكن أن يوجد صدفة وارتجالاً، وإنما هو منبثق عن سبب.
فكل نتيجة مرتبطة بسببها، وكل حادث متصل بمقدماته وبدون تطبيق هذا المبدأ_مبدأ العلية_على المجال التاريخي يكون البحث التاريخي غير ذي معنى.
فالإيمان بالحقيقة الموضوعية لأحداث التاريخ، والاعتقاد بأنها تسير وفقاً لمبدأ العلمية، هما الفكرتان الأساسيتان لكل بحث علمي، في تفسير التأريخ وإنما يدور النزاع بين التفاسير والاتجاهات المختلفة، في درس التأريخ، حول العلل الأساسية، والقوى الرئيسية التي تعمل في المجتمع.
فهل هي القوى المنتجة؟، أو الأفكار؟، أو الدم؟ أو الأوضاع الطبيعية؟ أو كل هذه الأسباب مجتمعة؟. والجواب على هذا السؤال_أياً كان اتجاهه_لا يخرج عن كونه تفسيراً للتاريخ، قائماً على أساس الإيمان بحقيقة الإحداث التاريخية وتتابعها وفقاً لمبدأ العلية.
* * *
وفيما يلي سنتناول المادية التاريخية، بصفتها طريقة عامة في فهم التاريخ وتفسيره وندرسها:
أولاً: على ضوء الأسس الفلسفية والمنطقية، التي يتكون منها مفهوم الماركسية العام عن الكون.
وثانياً:بما هي نظرية عامة تحاول استيعاب التاريخ الإنساني.
وثالثاً: بتفاصيلها، التي تحدد مراحل التاريخ البشري، والقفزات الاجتماعية على رأس كل مرحلة.

الاتجاه الديني في تفسير التاريخ:
وهذا المفهوم قديم قدم البشرية ويعنى الاعتقاد بوجود قوى ثابتة مستقرة  وراء التغيرات التي تحدث في المجتمع. وهى إرادة الالهة في العصور ما قبل الأديان الابراهيمية، ثم قوة الاله الواحد بعدها.
وهذه القوة تفرض سلطانها على شئون البشر، وإرادتها كاسحة، وسلطتها المشروعة تخلق قانوناً معينا يحرك شئون البشر في كل مجال.
ففي الزمن القديم كانت الشعوب تعيش في ظلّ حكومات تشرّع قوانينها بما تعتقد أنّه مشيئة الآلهة، وذلك عن طريق الرؤساء الدينيين أو من وحي الكهّان، فكان ما يقع في ذهن المشرع، يُنسب إلى الآلهة، سواء إله الخير، أو إله الشرّ، أو إله البحار، أو إله الشمس، أو ما أشبه ذلك.
ويكون لحكم هؤلاء الرؤساء الدينيين أو وحي الكهّان، قداسة خاصّة لا يمكن تخطّيها، فمن تخطّاها يرون أنّه يعاند المشيئة الإلهية، فيستحقّ العقاب التكويني كالزلازل، والفيضانات، أو العقاب التشريعي مثل الإلقاء في النار، أو في البحر، أو في غابة لتأكله السباع، أو في بئر عميق، أو يستحق القتل بالجلد، أو الرجم، أو الذبح، أو قطع الأعضاء.
والاتجاه الديني في جوهره يعنى الاعتقاد بوجود قوى ثابتة مستقرة وراء التغيرات التي تحدث في المجتمع، وهى إرادة ومشيئة الاله.
ولا يأخذ هذا المفهوم بالمصادفة، لأن المصادفة تعنى الفوضى والعبث والأيمان بالعناية الألهية في التاريخ يقتضى إيمانا بالاله، ومن ثم فإن المفهوم الدينى في التاريخ ليس نظرية، ولكنه مستوى من الإيمان والاعتقاد في وجود تدخل محكم من الأله الحكيم ليخطط للأنسان العاجز عن فعل الخير لنفسه (المقدر والمكتوب) ولولا هذا التدخل الألهى، لأصبح التاريخ كومة مضطربة من عصور متراكمة في عبث أو مأساة رهيبة دون بداية معقولة أو نهاية مقبولة.
ويسيطر هذا المفهوم على القصص التاريخي الوارد في ما يعرف بالنصوص الالهية المقدسة أو الكتب السماوية حيث يخرج القارئ بنتيجة مؤداها أن حركة التاريخ الحقة ليست سوى خطة الهية لخلاص العالم، مقررة سلفا في خطوطها العامة على الأقل منذ بدء الخليقة وحتى يوم الحساب. ومهمة المؤرخ هنا عبارةعن تتبع خطوات تنفيذ هذه الخطة. وفي ضوء هذا، قرأ القديس أوجسطين التاريخ القديم ليستخلص منه ما يؤكد فكرة غرق الجنس البشرى في الخطيئة
والمعصية، وأستحقاقه ما أصابه من حروب وما أحاط به من كوارث.
ففي الحالات التي لم يستطع فيها المؤرخون تقديم بعض التفسيرات البطولية للتاريخ قدموا تفسيرات دينية نتيجة لاعتقادهم بوجود قوى خارقة تهيمن وتسيطر على العالم وتوجهه سموها بالاله.
اليونان القديمة
فعند اليونان القدماء ولدى شعوب الشرق القديم ولا بلاد الرافدين وبلاد الشام ومصر تم ذكر مثل هذه الألهة وأحياناً اعتبروا الملك على أنه هو الاله أو ممثل الاله على وجه الأرض ونسبوا إليه الحوادث التاريخية. فحركة التاريخ ليست سوى الخطة الإلهية لخلاص العالم، وهذه الخطة مقررة في خطوطها العامة منذ بدء الخليقة وحتى يوم القيامة وهذا التفسير ساد تواريخ التوراة كما أنه يتجاوب مع المنهج التاريخي للكنيسة المسيحية ولكن بصورة أعمق، وأما التفسير الإسلامي للتاريخ فإنه يدعو أيضاً إلى الاعتقاد بوجود الإله المسيطر على كل شيء والموجه لكل شيء ووفقاً لهذا التفسير تغدو حركة التاريخ التي يتبع لها الكون حركة واحدة تبدأ يوم خلق الله السموات والأرض وتتجه نحو يوم القيامة.
إذا هنالك فريق من المؤرخين وهم من أصحاب النظرات الدينية في الزمان وفي التاريخ وهؤلاء ربطوا الزمان بالخلق الأول وبمصير الإنسانية في الدنيا، وبالنهاية يرتبط بها حساب وعقاب وثواب، ومن أبرز ممثلى هذا الاتجاه (فيلون حوإلى 25 ق. م 50م) بالنسبة إلى اليهودية والقديس أغسطس(354-430 م) بالنسبة إلى المسيحية وابن خلدون المتوفى (808هـ) بالنسبة إلى الإسلام.
ويلاحظ أن التاريخ الذي كتب على أساس دينى سواء في العصور القديمة أو الوسطى، اتخذ له صفات خاصة، فهو مثلا يكون تاريخاً عاماً، أو تاريخاً للعمل يرجع إلى أصل الإنسان منذ بدء الخليقة ويعرض للكيفية التي نشأت بها الأجناس البشرية. وهو أيضا لا ينسب الأحداث لحكمة البشر ولكن لأعمال القدر.
وهو من ناحية ثالثة يدور حول محور رئيسى مثل ظهور الأنبياء فيصبح التاريخ دائرا كله حول ظهور الأنبياء. وهو أيضا من ناحية رابعة يجعل المؤرخ يعتمد على المصادر التقليدية لتمده بالحقائق. ولما لم تكن لديه الأدلة الكفيلة بنقد هذه المصادر التقليدية، فلم يكن أمام المؤرخ الا تصديق ما تمده به هذه المصادر حيث يعتمد عليها دون مناقشة عميقة.
وبتأثير هذا التفكير، وهو أغفال الأرادة الإنسانية في توجيه الأحداث انصرف مؤرخوا العصور الوسطى إلى البحث عن جوهر التاريخ في خارج نطاق التاريخ نفسه. وبمعنى آخر الانصراف عن أعمال الإنسان والبحث عن الخطة التي رسمتها المقادير لتوجيه أحداث التاريخ. وكان هذا هو السبب في ان تدوين التاريخ في العصور الوسطى اتسم بالضعف من حيث النقد والتحليل، وهو ضعف ليس ناتجا لقلة المصادر التاريخية والمادة العلمية، وإنما كان بسبب القيود التي فرضت على المنهج الذي رسموه لأنفسهم والتركيز على دراسة خصائص الذات العليا القدسية، أكثر من دراسة دقيقة علمية للحقائق التاريخية.
وكان هؤلاء المؤرخون أميل إلى سرعة الاعتقاد والتصديق منهم إلى التحرى والتدقيق في قبول الأخبار ورواية الأحداث، ولم يكن هناك تفريق بين الواقعى والمثإلى، أو الحق التاريخي والحق الشعرى، وكانت الملاحم الشعرية تعد مراجع تاريخية، ولم يكن هناك ما يحول دون تزييف الأخبار وتزوير الوثائق والأسانيد، ولم تكن هناك عناية بكشف الحقائق وبحض الأباطيل، ما دامت الوثائق والأخبار المزيفة تخدم قضية من قضايا العصر، وتؤيد معتقدا من
المعتقدات الشائعة.
ولاستخدام هذا المفهوم في كتابة التاريخ مظاهر شتى، فنجد أن أنصاره هم الذين أطلقوا صفة " الصليبية " على الحروب التي تمت بين المشرق والغرب خلال العصور الوسطى، لا شيء سوى اختلاف عقيدة المتحاربين بين المسيحية والإسلام، وأيضا تفسيرهم خروج العرب من الأندلس في أواخر القرن الخامس عشر، عل أنه استمرار للصراع بين المسلمين والمسيحيين، مع أن الخلاف الدينى المذهبى بين الطرفين أقدم من هذا بكثير بسبعة أو ثمانية قرون على الأقل، ويتضح أيضاً في تفسير الصراع بين اليهود والعرب على أنه صراع دينى، مع أن الخلاف الدينى ثابت وقديم، وتحريك الصراع في تاريخ معين لابد وأن يبعث في ذهن الباحث محأولة تعليل غير مثالية، كالاختلاف على طرق التجارة بين الشام واليمن منذ القدم بين قريش ويهود الجزيرة. والذي أخذ بعدا دينيا بنزول الإسلام.

التفسير الإسلامي
أما التفسير الإسلامي للتاريخ فيعد التفسير العلمي القائم على البرهان والدليل وكذلك التأكيد على العبرة والدرس من أحداث التاريخ الذي يسير وفق منهج وناموس إلهي عميق مع التأكيد على حرية الإنسان وإرادته التي تجعل منه مسئولاً عن جميع أفعاله في الدنيا والآخرة.
وهو يؤكد على وجود الإله الحكيم المسيطر على كل شيء والموجه لكل شيء فهو المهيمن ولكن ليس بظلام للعبيد وبالتالي رغم هيمنته ترك للإنسان النجدين (أي الطريقين، طريق الخير وطريق الغي) وعليه الاختيار.
ووفقاً لهذا التفسير تصبح للحياة معنى وهدف والتاريخ يصبح شاهداً والقضاء والقدر ذاتها لم تقف عائقا ولا هي تحول دون إبراز نشاط الإنسان، والتاريخ شاهد أمين على صدق هذا القول في كثير من الحالات، فقد كان المسلمون يعرفون أن الله سبحانه وتعإلى قد قدر كل شيء في سابق علمه ومن الأزل، وان ما قدر يكون، مع هذا اندفعوا لتحطيم الفرس والروم في فترة لا
مثيل لها في القصر، وبذلوا جهداً خارقا في سبيل نشر الإسلام خارج شبه الجزيرة العربية حيثما استطاعوا، وانصرفوا يجرون ورائهم رزقهم ومعاشهم وأمورهم الدنيوية، لأنهم كانوا يدركون في نفس الوقت أن لكل امرئ ما سعى وان السماء لا تمطر ذهباً أو فضة.


أهمية استخدام القصة في تحقيق اهداف تدريس الدراسات الاجتماعية


1- اهمية القصة في المجال المعرفي :
-
 اكتساب التلاميذ للمفاهيم الاساسية بين المفاهيم والحقائق التي تشتمل عليها القصة.
-
 ادراك التلاميذ للعلاقة بين المفاهيم التي تتضمنها القصة والبيئة والقدرة علي التعبير عنه بلغتهم واسلوبهم.
-
 تنمية القدرة لدي التلميذ علي توظيف المفاهيم والحقائق والمعلومات التي تشتمل عليها القصة في مواقف جديدة واستخدامها في حل مشكلات جانبية مشابهة.
-
تنمية القدرة علي ابتكار اساليب جديدة لمواجهة المواقف الحياتية في حدود امكانياتهم وقدرتهم وفي ضوء ما تعلموه في مجال الدراسات الاجتماعية.
-
تنمية مهارة اصدار الاحكام الصحيحة علي المواقف والاحداث والقضايا والمشكلات الحياتية بما يتناسب مع مستواهم وبما لديهم من معلومات وحقائق تمكنهم من تفسير وتحليل ونفد تلك المواقف والخروج بنتائج سليمة
2- اهمية القصة في مجال تنمية المهارات:
-
تسهم القصة في تنمية المهارات العقلية لدي التلاميذ مثل التفسير والتحليل والتصنيف والمقارنة والاستنتاج وربط الاسباب بالنتائج واصدار القرار.
-
تنمية المهارات الاجتماعية مثل القدرة علي العمل الجماعي وتقبل الرأي الاخر والتعاون مع الاخرين ، ويمكن عن طريق القصة تقديم ابطال القصة الحقيقية او قصص البطولات الوطنية الذين هم القدوة والمثل الذي يميل التلاميذ الي التشبه بهم ومحاكاه سلوكهم.
3- اهمية القصة في المجال الوجداني (ميول – اتجاهات – قيم):
-
تنمية ميول التلاميذ نحو الاطلاع والقراءة الحرة في مجالات الدراسات الاجتماعية
-
تنمية ميول التلاميذ نحو اوجه النشاط الجماعي والعمل مع الاخرين والتعاون معهم .
-
المساعدة في تووجيه ميول التلاميذ نحو اختيار القدوة الصالحة والمثل العليا.
-
تنمية اتجاهات ايجابية لدي التلاميذ نحو البيئة المحلية والمجتمع الذي يعيشون فيه.
-
تساعد القصة بما تقدمه للتلاميذ من قصص البطولات الوطنية في تنمية اعتزاز التلميذ بوطنه وتعميق فهم التلاميذ بتاريخ وطنهم العريق وتعرف امجاده الخالدة وجهود الاسلاف في سبيل النهوض بالوطن.
-
تنمية ادراك التلاميذ للروابط المشتركة التي تربط بين وطنهم وامتهم العربية في جميع المجالات ودور الامة العربية في المساعدة في حل المشكلات العالمية والجهود التي بذلوها في هذا السبيل.
4- اهمية القصة في مجال اثراء طرق تدريس الدراسات الاجتماعية :
تعتبر طرق تدريس الدراسات الاجتماعية من المشكلات التي تعاني منها وخاصة في المرحلة الابتدائية ، وقد يرجع ذلك الي التركيز علي تلقين المعلومات من جانب المعلم والحفظ والاستظهار من جانب التلاميذ ، وقد ترتب علي ذلك ان اصبحت طرق التدريس السائدة تركز من المعلومات لذاتها دون النظر الي مدي ملائمتها للتلاميذ مما يعطل بلوغ اهداف تدريس الدراسات الاجتماعية ، ومن هنا كان النركيز علي استخدام القصة لما لها من مجال طرق تدريس الدراسات الاجتماعية في المرحلة الابتدائية ، فنذكر منها ما يلي
- تساعد في تحقيق ايجابية التلاميذ نحو نشاطهم الذاتي وتشوقهم لدراسة هذه المواد وذلك من خلال قراءتهم للقصة ومناقشتهم مع المعلم ومع اقرانهم من التلاميذ .
- تقدم القصص في مجال الدراسات الاجتماعية النماذج الحياتية التي تسشاعد علي اثراء واحياء دراسة الدراسات الاجتماعية وربطها بالحياة مما يحقق لهم الشعور باهمية تلك المواد .
- يساعد استخدام القصص علي تنويع طرق التدريس ، حيث يهئ للمعلم فرص استخدام طرق تدريس اخري مثل المناقئة وتمثيل الادوار وطريقة حل المشكلات وطريقة المشروعات وغيرها .
- يساعد استخدام القصة في الدراسات الاجتماعية علي تهيئة التلاميذ لاستيعاب الخبرات الجديدة حيث يقبل التلاميذ علي قراءة القصص بشوق ورغبة ذاتية وهم ذلك يكتسبون الكثير من المعلومات والخبرات الجديدة .
- يساعد استخدام القصة التغب علي مشكلة الفروق الفردي بين التلاميذ حيث يقرأ كل تلميذ ما يناسب ويلائم مستواه من القصص المتنوعة المستوي .
5- اهمية القصة كمصدر من مصادر التعلم الي جانب الكتاب المدرسي في مجال الدراسات الاجتماعية :
- يساعد استخدام القصة الي زيادة فهم التلاميذ لمادة الكتاب المدرسي فكثيرا ما يعالجه الموضوع وتستطيع القصة ان تزود التلاميذ بما يساعدهم علي فهم الموضوع .
- تساعد القصة علي تحديث مادة الكتاب المدرسي ، حيث تزود التلاميذ ببعض الاحداث والتطورات المرتبطة بموضوعات الكتاب المدرسي ويستطيع التلاميذ من خلال قراءتهم في القصص التزود باحدث المعلومات التي تسد هذا النقص ومتابعة الاحداث الجارية والقضايا المباشرة .
- تشكل القصة مصدرا هاما الي جانب الكتاب المدرسي في تنمية مهارات لتفكير الناقد لدي التلاميذ كاسلوب حل المشكلات التي تواجههم في حدود قدراتهم وامكاناتهم .
6- اهمية القصة في مجال النشاط :
للنشاط المدرسي اهمية كبيرة في مجال تدريس الدراسات الاجتماعية في المرحلة الابتدائية حيث يهيئ الفرص المتنوعة امام التلاميذ لتنمية خبراتهم ويتيح لهم المجال للتعبير عن ميولهم واتجاهاتهم واهتماماتهم وحاجاتهم ، وفي ضوء ذلك يعمل المعلم علي اتاحة الفرص امام التلاميذ لممارسة مجالات النشاط المتنوعة سواء كان نشاطا ذهنيا او اجتماعيا ، وتستطيع القصة اذا ما احسن استخدامها في تدريس الدراسات الاجتماعية ان تساهم بدور ملموس في مساعدة التلاميذ علي ممارسة تلك الانشطة بهدف بلوغ اهداف تدريس الدراسات الاجتماعية بالمرحلة الابتدائية ومن هذه الانشطة :
- يستطيع التلاميذ من خلال قراءاتهم جمع المعلومات والبيانات والصور وغيرها واعداد الدراسات الاجتماعية والتقارير البسيطة في مجال الدراسات الاجتماعية .
- يستطيع التلاميذ من خلال قراءاتهم تحقيق التعاون فيما بينهم تحت اشراف المعلم وتوجيهه لهم لاعداد المجلات الحائطية والمدرسية .
- تزويد التلاميذ من خلال قراءاتهم بالمعلومات والخبرات التي تساعدهم علي اعداد الندوات وتنظيم المناقشات لدراسة ما يواجهونه من مشكلات.
- تزويد الطلاب من خلال قراءاتهم بما يساعدهم في الاشتراك في المناسبات الدينية والوطنية سواء في الاذاعة المدرسية او الاحتفالات الخاصة التي تقيمها المدرسة في مثل هذه المناسبات
7- اهمية القصة في تحقيق الترابط بين الدراسات الاجتماعية والمواد الدراسية الاخري:
تعتبر عملية تحقيق الترابط بين المواد الدراسية من اهم القضايا التي تعالجها الاتجاهات المعاصرة في تدريس الدراسات الاجتماعية وبخاصة في المرحلة الابتدائية حيث ان الدراسات الاجتماعية تعالج الظواهر الاجتماعية من جميع جوانبها ومكوناتها وتبحث عن اسبابها وجذورها في الماضي البعيد والقريب ، مما يساعد علي دراسة وقائعها ومشكلاتها المعاصرة ووضح الحلول المناسبة لها في الحاضر والمستقبل ، ومن هنا فان دراسة تلك الظواهر الاجتماعية في المرحلة الابتدائية وينبغي ان تتم في اطار النظرة الشمولية والتكاملية التي تتم بها الظواهر نفسها بحيث لا تتجزأ دراستها ، ولتحقيق الترابط ، يتطلب ذلك الاستعانة بكل الوسائل والمصادر التي تياعد علي تحقيق هذا الترابط ويستطيع المعلم من خلال القصة ان يساعد التلاميذ علي ادراك هذا الترابط واهميته ، فالقصة في الغالب تعالج موضوعاتها في اطار نظرة كلية متحررة من قيود المنهج وحدود الكتاب المدرسي ، كما ان القصة عادة تتناول موضوعا واحدا تقدم من خلاله المعلومات بصورة واضحة تفصيلية لا يتسع مجال الكتاب المدرسي لعرضها علي تلك الصورة من التوضيح والتفسير ، وبذلك يدرك التلاميذ من خلال القصة الترابط الوثيق بين الدراسات الاجتماعية والمواد الدراسية الاخري