الأحد، 23 أغسطس 2015

أخلاق المسلم في التجارة


أخلاق المسلم
في التجارة


مقدمة
الحمد لله الذي أمر بطلب الرزق بقوله: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك آية15]، أحمده أعظم الحمد وأكمله وأجله على ما أولانا به من نعمة الإيمان، وأكرمنا به من النعم والإحسان، وأن جعل العمل مع النية الصالحة عبادة للملك الديان، والصلاة والسلام على صاحب اللواء المحمود محمد القائل: ((التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مع النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ))([1]) وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فقد أمرنا الله تعالى في الآية السابقة بالسعي في الأرض عملا بالمكاسب والتجارات؛ لطلب رزقه تعالى، فالمال مال الله وأنت مأمور بالبحث عنه، قال ابن كثير رحمه الله تعالى: ((أي فسافروا حيث شئتم من أقطارها وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات واعلموا أن سعيكم لا يجدي عليكم شيئا إلا أن ييسره الله لكم))([2])، وبما أن الأمر قد توجه من الله تعالى، إذًا لا بد من صاحب الأمر أن يؤجرك على امتثالك لأمره، وفعلا فقد قرر الإسلام أن التجارة _وغيرها_ إن كانت وفق الضوابط الشرعية فهي عبادة جهاد، مؤداها الحشر مع النبيين والصديقيين والشهداء كما بين النبي صلوات الله وسلا مه عليه وعلى آله.
من هنا اهتمت الشريعة بالمال وجعلته من سبل حماية الإنسان، وظهر هذا في مقاصد الشريعة الإسلامية التي تهدف إلى المحافظة على الضروريات الخمس، وعدت المال أحد هذه الضروريات، وهي: الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل، وغاية هذه الضرورات جلب المصالح لهم، ودفع الضرر عنهم، فقد روى مسلم رحمه الله عن أبي هُرَيْرَةَ قال: قال رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((...كُلُّ الْمُسْلِمِ على الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ))([3]).
ولا يتم حفظ هذه الضرورة _أي ضرورة المال_ إلا بعد معرفة الأحكام الشرعية الدالة على حفظ المال، لذا كثرت التشريعات الإسلامية لهذا المقصد، بل وسبقت كافة القوانين الوضعية.
هذا البحث جاء لبيان أهم تلك الضوابط والأخلاق والأحكام التي يلزم على التاجر أن يتعلمها، ثم يطبقها في حياته اليومية، جاء هذا البحث في وقت ندر فيه التاجر الصدوق الناصح الأمين الداعي إلى الله تعالى، حيث علم أن التجارة أحد أهم الوسائل الناجعة التي أوصلت الإسلام إلى ملايين الكفرة فدخلوا دين الله تعالى، كما حدث لبلاد ما وراء الهند، تحولت الكثير من تلك البلاد إلى بلا د مسلمة بسبب صدق حال التجار مع الله تعالى، أولئك التجار عاملوا الله تعالى قبل أن يعاملوا البشر، صدقوا مع الله تعالى قبل البدء في تجارتهم، لذلك أفلحوا في تبليغ دين الله تعالى، تلك البلاد كماليزيا وغيرها التي لم يصلها الفتح الإسلامي لم يدخلها من المسلمين التجار إلا النذر اليسير، فانظر إلى نتائج دعوتهم، من أشخاص معدودين صار اليوم مئات الملايين من المسلمين، واليوم دخل إلى أمريكا وغيرها من دول أوربا _دخل_ عشرة آلاف أضعاف أولئك التجار، ولكن لم تثمر جهودهم في دخول الناس في دين الله تعالى أفواجاً كما أثمرت جهود السابقين، أولئك الناس كانت دنياهم في أياديهم، وحب الله تعالى في قلوبهم، فسادوا على الدنيا.
كفى أمة الإسلام قائدا لها محمدا رسول الله صلى عليه وسلم حيث علم البشرية جمعاء في أول سنة له الصدق والأمانة في التجارة عندما تاجر بمال خديجة رضي الله عنها، فكان صدقه وأمانته السبب لجلب الخير الكثير له، وأول هذا الخير هو زواجه من خديجة رضي الله تعالى عنها.
لعل هذا البحث يكون لبنة تقوي جدار الإسلام المتصدع، فلعل الله تعالى ينفع به التجار ويكون عونا لهم في تجاراتهم إنه أكرم مسؤول وخير مجيب، والله ولي التوفيق. 
مدخل: أهمية التجارة وفضلها وضرورة التحلي بالمعايير الشرعية([4]):
جعل الله تعالى توفير أسباب السعي في الأرض من تجارة وغيرها نعمة تستوجب الشكر عليها، فقال: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} [الحجر آية20].
ونظراً لأهمية التجارة ومكانتها في أسباب السعي، ولكونها مستوجبة لمحبة الله ورضوانه؛ فقد جعلها الله تبارك وتعالى من ضمن السعي لابتغاء فضله، فقال الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة آية10].
في هذه الآية أمر الله بالسعي والممارسة الفعلية عقب الصلاة([5])، ثم قرن بها ذكره وعلق عليها رجاء الخير والفلاح.
وفي سورة المزمل يحدد الله تعالى نوعا من التجارة والتجار، ويذكرهم في معرض بيان بعض العبادات، فيقول: {...فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [المزمل آية20].
وقد أمر الله تعالى في غير ما موضع من كتابه الكريم بالسعي على الرزق فقال: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك آية15].
 وهذا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوجه أصحابه إلى شرف السعي، من خلال بيان منزلة التاجر الصدوق بقوله: ((التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مع النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ)) ([6]).
وقال عمر رضي الله عنه: ((لا يقعدُ أحدُكم عن طلبِ الرزق، يقول: اللهمَّ ارزقني، فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضةً))([7]).
وقال بعضهم:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ لِمَرْيَمَ وَهُزِّي إلَيْكِ الْجِذْعَ يَسْقُطْ لَكِ الرُّطَبُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ تَجْنِيهِ مِنْ غَيْرِ هَزِّهَا جَنَتْهُ وَلَكِنْ كُلُّ شَيْءٍ لَهُ سَبَبُ([8])
وينبغي هنا على التاجر أن لا  يغيب عن ذهنه في حال من الأحوال, أن المال قوام الحياة الدنيوية، وعماد كثير من الأمور الدينية؛ فالزكاة ركن من أركان الإسلام، من جحدها كفر، ومن تركها تكاسلا فسق، ووجود النفقة من المال شرط من شروط وجوب الحج، وهذا الجهاد _وهو قتال الكفار من أجل تبليغ دين الله تعالى_ ذروة الإسلام وقوامه بالمال، والجهاد بالمال أحد أقسام الجهاد باعتبار المعنى الأعم له، والمال جزء من عملية الجهاد في معناه الأخص، بل إن العمل على تحصيل الرزق هو جهاد وعبادة، فقد روى الطبراني عن كَعْبِ بن عُجْرَةَ رضي الله عنه أنه قال: مَرَّ على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، رَجُلٌ فَرَأَى أَصْحَابُ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم من جِلْدِهِ وَنَشَاطِهِ، فَقَالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ! لو كان هذا في سَبِيلِ اللَّهِ؟! فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إن كان خَرَجَ يَسْعَى على وَلَدِهِ صِغَارًا، فَهُوَ في سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كان خَرَجَ يَسْعَى على أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ، فَهُوَ في سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كان يَسْعَى على نَفْسِهِ يُعِفُّهَا، فَهُوَ في سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كان خَرَجَ رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً، فَهُوَ في سَبِيلِ الشَّيْطَانِ))([9]).
إذًا فمع النية الصالحة من المسلم تميز عمله في تحصيل المال بأمرين: الأول: أن تحصيله جهاد، والثاني: أن إنفاقه جهاد، من هنا جاء السؤال على المال يوم القيامة مرتين، من أين حصله وفيم أنفقه؛ فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لن تَزُولَ قَدَمَا عبدٍ يَومَ القِيَامَةِ حتى يُسأَلَ عن أربعِ خِصَالٍ: عَنْ عُمْرِه فيما أَفْنَاهُ؟ وعن شَبَابِهِ فيما أبلاه؟ وعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اَكتسبه وفيما أَنْفَقَهُ؟ وعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فيه؟))([10]).
 وإذا ما نظرت نظرة سريعة وجدت أن التجارة من أكثر المهن التي تدر الأرباح على أصحابها كما جاء في حديث عن نعيم بن عبد الرحمن رحمه الله أنه قال بلغني أن رسول الله  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  قال: ((تسعة أعشار الرزق في التجارة))([11])، وما ذلك إلا لكثرة أنواع التجارة وتغير السعر في السوق من زمن لآخر ومن مكان إلى لآخر، هذه الأسباب جعلت مهنة التاجر من أهم المهن وأشدها خطورة على المجتمع، من هنا عنيت الشريعة بوضع القواعد والضوابط والشروط لهذا الجانب الاقتصادي، والتي من شأنها أن تكفل استقامة ذلك الركن الخطير من الأركان التي يتوقف عليها _إلى حد كبير_ استقرار المجتمع الإسلامي، فكان على التاجر أن يتعلم الأحكام المتعلقة بتجارته، متخلقاً بالأخلاق والخصال الحميدة النبيلة، فمن لم يتعلم الأحكام الفقهية التي تخص تجارته وقع في الحرام أو في الشبهات، ودليل ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن النُّعْمَانَ بن بَشِيرٍ رضي الله عنه يقول: سمعت رَسُولَ اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  يقول: ((الْحَلالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ، لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ من الناس، فَمَنْ اتقي الْمُشَبَّهَاتِ، اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ في الشُّبُهَاتِ، كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، ألا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألا إِنَّ حِمَى اللَّهِ في أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، ألا وَإِنَّ في الْجَسَدِ مُضْغَةً إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ألا وَهِيَ الْقَلْبُ))([12]).
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا بيع في سوقنا إلا من تفقه في الدين.
وإذا عرفنا وجوب العلم على التاجر في مصلحته، فما هي أهم الأخلاق التي يلزم على التاجر أن يتحلى بها، إليك بيان ذلك.
المبحث الأول: أخلاق التاجر وصفاته الإيجابية: 
أهم الأخلاق والصفات الإيجابية التي يجب على التاجر أن يتخلق بها([13]):
·       الإخلاص: بحيث تكون البواعث التي تدفعه للعمل وإتقانه خالصة لله تعالى، و يظهر إخلاص التاجر في تجارته من خلال تحليه بالأمور التالية:
أ- حسن النية: بأن ينوي التاجر في تجارته طاعة الله تعالى؛ كأن ينوي إطعام من يعوله من ولد ووالد وزوجة، والاستعفاف عن السؤال، وينوي خدمة دين الله تعالى والمسلمين...، فهذا هو الجهاد بالمال الذي تحدثنا عنه في مقدمة البحث قال مطرف بن عبد الله رحمه الله تعالى: ((صلاح القلب بصلاح العمل وصلاح العمل بصحة النية))([14]).
ب- الإخلاص في معاملة المشتري,  فلا يكون همه الأول كسب المزيد من الأموال، أو السعي الحثيث وراء الشهرة, فإذا كان الباعث خالصاً انقلب عمل التاجر إلى طاعةٍ تقربه من الله، لما رواه الطبراني عن كَعْبِ بن عُجْرَةَ رضي الله عنه أنه قال: مَرَّ على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، رَجُلٌ فَرَأَى أَصْحَابُ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم من جِلْدِهِ وَنَشَاطِهِ، فَقَالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ! لو كان هذا في سَبِيلِ اللَّهِ؟! فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إن كان خَرَجَ يَسْعَى على وَلَدِهِ صِغَارًا، فَهُوَ في سَبِيلِ اللَّهِ...)) ([15]).
·                    الصدق: بحيث إذا قال لا يقول إلا صدقاً؛ فإن الصدق سبب الخير ومفتاح البركة، فعن حَكِيمِ بن حِزَامٍ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ ما لم يَتَفَرَّقَا أو قال حتى يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا في  بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا))([16])، وعن عبد اللَّهِ بن مسعود قال: قال رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فإن الصِّدْقَ يهدى إلى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يهدى إلى الْجَنَّةِ وما يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حتى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فإن الْكَذِبَ يهدى إلى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يهدى إلى النَّارِ وما يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حتى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا))([17]).
و يظهر صدق التاجر من خلال الأمور التالية:
أ- الصدق في إخبار المشتري بحقيقة المباع دون زيادة أو نقصان بحسب ما تقتضي المصلحة، فلو حلف وكان كاذبا فقد جاء باليمين الغموس، وهو من الكبائر المستوجبة لدخول النار، فعن أبي ذَرٍّ عن النبي  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  قال: قال: ((ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمْ الله يوم الْقِيَامَةِ ولا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ولا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قال فَقَرَأَهَا رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  ثَلاثَ مرار قال أبو ذَرٍّ خَابُوا وَخَسِرُوا من هُمْ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: الْمُسْبِلُ، وَالْمَنَّانُ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ)) ([18]).
وروى الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن أبي سِبَاعٍ قال: اشْتَرَيْتُ نَاقَةً من دَارِ وَاثِلَةَ بن الأَسْقَعِ، فلما خَرَجْتُ بها أَدْرَكَنَا وَاثِلَةُ وهو يَجُرُّ رِدَاءَهُ، فقال يا عَبْدَ اللَّهِ اشْتَرَيْتَ؟ قلت: نعم، قال: هل بَيَّنَ لك ما فيها، قلت: وما فيها؟ قال: إِنَّهَا لَسَمِينَةٌ ظَاهِرَةُ الصِّحَّةِ، قال: فقال: أَرَدْتَ بها سَفَراً، أَمْ أَرَدْتَ بها لَحْماً؟ قلت: بَلْ أَرَدْتُ عليها الْحَجَّ، قال: فإن بِخُفِّهَا نَقْباً... إني سمعت رَسُولَ اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  يقول: لاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ يَبِيعُ شَيْئاً إِلاَّ يُبَيِّنُ ما فيه وَلاَ يَحِلُّ لِمَنْ يَعْلَمُ ذلك إِلاَّ يُبَيِّنُهُ))([19]).
ب- الصدق في إعطاء المواعيد والعهود: فشعار المسلم دائمًا الوفاء بالعهد والصدق في الوعد، بحيث إذا أبرم عقدًا وجب عليه احترامه, وإذا أعطى عهداً فيجب أن يلتزمه، فخلف الوعد من صفات المنافقين، فلا يجوز للتاجر أن ينقض ما تم الاتفاق عليه، أو استغلال حاجة المشتري للشراء ونحوه قال تعالى: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً} [الإسراء آية 34] ومدح الله عباده المؤمنين قائلاً: {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} [المعارج آية 32].
وروى الشيخان عن عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو قال: قال رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أَرْبَعٌ من كُنَّ فيه كان مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كانت فيه خَلَّةٌ مِنْهُنَّ كانت فيه خَلَّةٌ من نِفَاقٍ، حتى يَدَعَهَا؛ إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذا وَعَدَ أَخْلَفَ، وإذا خَاصَمَ فَجَرَ))([20]).
ج- الصدق في إحالة المشتري إلى بائع آخر مختص بما يطلبه المشتري: كان واحد السلف الصالح إذا كان المباع ليس عنده، بعثه إلى آخر يعرف عنده السلعة، ولا يقول له انتظر حتى آتيك بها من المخزن، وفي الحقيقة يأيته بها من عند جاره، ولا يدعه يذهب لجاره حتى يستفيد هو ويتضرر المشتري بغلاء السلعة! فليس هذا من أخلاق الإسلام.
د- الرجوع عن الخطأ الحاصل في المبيع: ولربما وقع من التاجر خطأ في المبيع، لم يتماد في الباطل، فهذا يزيد من ثقة الناس به، ويبعده عن الحرام أو الشبهات.
 وروي عن محمد بن المنكدر أنه كان له شقق (قطع من القماش) بعضها بخمسة، وبعضها بعشرة فباع غلامه لأعرابي في غيبته شقة من الخمسيات بعشرة، فلما عرف ما فعل غلامه، لم يزل يطلب ذلك الأعرابي المشتري طول النهار حتى وجده، فقال له: إن الغلام قد غلط فباعك ما يساوي خمسة بعشرة، فقال يا هذا: قد رضيت، فقال وإن رضيت، فإنا لا نرضى لك إلا ما نرضاه لأنفسنا، فاختر إحدى ثلاث خصال: إما أن تأخذ شقة من العشريات بدراهمك، وإما أن نرد عليك خمسة، وإما أن ترد شقتنا وتأخذ دراهمك، فقال: أعطني خمسة، فرد عليه خمسة وانصرف الأعرابي، يسأل ويقول: من هذا الشيخ؟! فقيل له: هذا محمد بن المنكدر، فقال: لا إله إلا الله، هذا الذي نستسقي به في البوادي إذا قحطنا([21]).
·       التواضع: بحيث لا يتكبر على عباد الله، ولا يحتقرهم أو يستخف بهم، وخاصة إذا كان هو البائع الوحيد لصنفٍ يحتاجه الناس، قال تعالى: {ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً} [الإسراء آية 37].
وعن عَمْرِو بن شُعَيْبٍ عن أبيه عن جَدِّهِ عن النبي  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  قال: ((يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يوم الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ في صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ من كل مَكَانٍ، فَيُسَاقُونَ إلى سِجْنٍ في جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ من عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةَ الْخَبَالِ))([22]).
وتواضع التاجر يظهر في أمور من أهمها:
أ- استقبال المشتري بوجه بشوش واحترامه وملاطفته، والاستماع إليه دون اللجوء إلى صده عن الكلام.
ب- أن لا يستخف بالمشتري أو يستهزئ به بأي مظهر من مظاهر الاستخفاف.
ج- لين الجانب والرحمة مع المشتري.
·       سلامة الصدر من الأحقاد:
بحيث يكون سليم القلب, مبرأ من وساوس الضغينة وثوران الأحقاد, فلا يحسد ولا يحقد ولا يهجر إلا في معصية الله تعالى، فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لا تَحَاسَدُوا ولا تَنَاجَشُوا ولا تَبَاغَضُوا ولا تَدَابَرُوا ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ على بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولا يَخْذُلُهُ ولا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى ها هنا وَيُشِيرُ إلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، بِحَسْبِ امْرِئٍ من الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ على الْمُسْلِمِ حَرَامٌ؛ دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ))([23]).
وتظهر سلامة الصدر لدى التاجر فيما يلي:
أ- بأن لا يحقد على إخوانه التجار أو المشتري، فيما لو كانوا قد أساؤوا إليه من قبل.
ب- بأن لا يحسد زميله أو المشتري على مال أو علم أو مكانة اجتماعية.
·       الحلم والصفح والسماحة:
بحيث يثبت أمام المثيرات فلا يغضب, ولا تستخفه التوافه، ولا تستفزه الشدائد, فالحلم هو ترك الانتقام مع القدرة، ومجازاة الإحسان بالإساءة، فعن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم  قال: ((رَحِمَ الله رَجُلا سَمْحًا إذا بَاعَ، وإذا اشْتَرَى، وإذا اقْتَضَى))([24]).
ويظهر حلم التاجر فيما يلي:
أ- أن يصبر على رعونة المشتري ويلتمس له عذراً فصاحب الحاجة كما يقال أرعن.
ب- أن يسامح المشتري إذا أساء القول أو التصرف معه, فربما يلفظ المشتري بسبب ما يعانيه من حاجة بألفاظ غير حسنة, فيكون التاجر واسع الصدر حليماً.
·       الجود والكرم:
بحيث تكون نفسه سخية وكفه ندية, يقدم الخير والعون للناس ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، فعن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  قال: ((السَّخِيُّ قَرِيبٌ من اللَّهِ قَرِيبٌ من الْجَنَّةِ قَرِيبٌ من الناس بَعِيدٌ من النَّارِ، وَالْبَخِيلُ بَعِيدٌ من اللَّهِ بَعِيدٌ من الْجَنَّةِ بَعِيدٌ من الناس قَرِيبٌ من النَّارِ وَلَجَاهِلٌ سَخِيٌّ أَحَبُّ إلى اللَّهِ عز وجل من عابد بَخِيلٍ))([25]).
ويظهر جود وكرم التاجر فيما يلي:
أ- في التخفيف من ثمن المباع، ولاسيما فيما لو كان المشتري من الفقراء والمحتاجين...
ب- في إعطاء المشتري بعض العينات المجانية من المواد التي يبيعها فيما لو توفرت لديه....
ج- في تخصيص يوم في كل أسبوع _غير معين أو معين_ يبيع فيه الناس برأسمال المباع بدون مقابل, والعمل على تشجيع زملائه من التجار على مثل هذا الإحسان، فهذا خلق توافق عليه القواعد العامة في الدين.
·       الصبر:
بحيث إذا استحكمت الأزمات وتعقدت حبالها, وترادفت الضوائق وطال ليلها, استمسك التاجر بالصبر والرضا، فالصبر يجعل المسلم يحسن التصرف في كل موقف، ويواجه الحياة بمشاعر ثابتة وقلب مطمئن، فالرضا بقضاء الله وقدره من متطلبات الإيمان، قال الله تعالى: {ولَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ }[البقرة آية155].
 وعن صُهَيْبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأحَدٍ إلا لِلْمُؤْمِنِ إن أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا له وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا له))([26]).
ويظهر صبر التاجر فيما يلي:
أ-  صبر التاجر على قلة المال.
ب- صبر التاجر على قلة عدد المشترين.
ج- صبر التاجر على سوء أخلاق المشتري.
د- صبر التاجر على سوء أخلاق بعض التجار.
هـ- صبر التاجر على ضغوط العمل والحياة.
·       النظافة:
فالنظافة عنوان الحضارات، وشعار الأمم، وأول الأسباب للصحة والعافية، فعن سَعْدِ بن أبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ، جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ، فَنَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ ولا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ))([27]).
وتظهر نظافة التاجر فيما يلي:
أ- نظافة محله، أو المكان الذي يعرض فيه البضاعة.
ب- الحرص نظافة أعضاء جسمه وملبسه.
ج - الحرص على نظافة الأشياء التي يقوم على بيعها.
د- نظافة العمال الذين يعملون لديه.
·       العزة:
بحيث يعتز التاجر بدينه وربه الذي خلق فسوى, والذي قدر فهدى، قال الله تعالى: {ولِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ }[المنافقون آية8].
وتظهر عزة التاجر فيما يلي :
أ- اعتزازه بمبادئ دينه، وعقيدته أمام الناس جميعاً، ولا سيما أمام غير المسلمين.
ب- اعتزازه بتمسكه بالشريعة الإسلامية؛ في العبادات كالصلاة ... والمعاملات، والأخلاق...، وخاصة أحكام التجارة.
ج_ التحاكم إلى الشريعة الإسلامية لا إلى القوانين الوضعية في حال الاختلاف مع الناس.
·       العلم والمعرفة:
بحيث يدرك مكانة العلم والمعرفة, وأن علوم الحياة مساوية لعلوم الآخرة في خدمة الدين وتجلية حقائقه([28]).
يظهر علم ومعرفة التاجر في الأمور التالية:
أ- الاطلاع على قوانين التجارة المحلية والعالمية، حتى لا يقع في مخالفات هو بغنى عنها.
ب-  الاطلاع  على آخر ما توصل إليه العلم في مجال أساليب التعامل التجاري.
ج- الدراسة والاطلاع على علم نفسية المشتري.
د_ الاطلاع الدائم على متطلبات البلد.
هـ - حضور دروس ودورات في تخصصه.
·       الانتفاع بالوقت:
بحيث يدرك تماماً أهمية الوقت, فكل مفقود عسى أن تسترجعه إلا الوقت فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لن تَزُولَ قَدَمَا عبدٍ يَومَ القِيَامَةِ حتى يُسأَلَ عن أربعِ خِصَالٍ: عَنْ عُمْرِه فيما أَفْنَاهُ؟ وعن شَبَابِهِ فيما أبلاه؟ وعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اَكتسبه وفيما أَنْفَقَهُ؟ وعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فيه؟)) ([29]).
يظهر انتفاع التاجر بالوقت فيما يلي:
أ - حسن تنظيم الوقت وذلك بتقسيمه على عمله التجاري وأموره الشخصية.
ب - المحافظة على الوقت، والتبكير إلى العمل، وعدم إضاعته في الأمور التي لا طائل منها كالسهر الطويل... 
د - الاستفادة من أوقات أداء الصلاة لتكون فترة راحة وتجديد نشاط، فضلاً عن كونها غذاء للروح والنفس.
·       الابتعاد عن المال الحرام:
فالمال الحرام سبب لدخول النار، ومن أكبر الأسباب للولوج في باب الحرام الجهل بالأحكام الشرعية للتجارة قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((...يا عبد الرحمن بن سمرة! إن اللهَ أبى أن يدخلَ الجنةَ لحمًا نبتَ من سحتٍ، فالنار أولى به))([30]).
ويظهر ابتعاد التاجر عن المال الحرام في أمور كثيرة منها:
أ- عدم المتاجرة بالأشياء المحرمة، كالخمر، والمخدرات.
ب- تسجيل الديون التي عليه، حتى لا ينكرها يوم المطالبة بها، بسبب نسيانه لها.
ج- منع العمال من التلاعب بالبضاعة.
د _ الابتعاد عن غش البضاعة.
هـ _ أداء المباع بالشروط التي اتفق عليها مع المشتري دون أي إخلال.
و _  الابتعاد عن الربا أخذًا أو إعطاء.
·       أن يتقي الشبهات:
فلا يقتصر على اجتناب الحرام، بل يتقي مواقع الشبهات، فهو يبتعد عن كل أمر يشك في حله، وليعلم التاجر أن ربح الآخرة وغناها، خير من ربح الدنيا فعن النُّعْمَانَ بن بَشِيرٍ رضي الله عنه يقول: سمعت رَسُولَ اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  يقول: ((الْحَلالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ من الناس فَمَنْ اتقي الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ في الشُّبُهَاتِ، كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، ألا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألا إِنَّ حِمَى اللَّهِ في أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، ألا وَإِنَّ في الْجَسَدِ مُضْغَةً إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ألا وَهِيَ الْقَلْبُ))([31]).
 ويظهر ابتعاد التاجر عن الشبهات في أمور كثيرة منها:
أ_ الابتعاد عن التعامل مع أشخاص أو بنوك يتعاملون بالربا.
ب_ أن يأخذ بالأسلم لدينه في أمور بيعه وشرائه.
ج_ أن يراعي اختلاف العلماء في كل مسألة اختلفوا فيها بين الحل والحرام.
·       أن يتجنب الحلف:
فالتاجر المسلم يبتعد عن الحلف حتى ولو كان صادقاً في بيعه؛ لأن الحلف مطية الكذابين، وممحق للبركة، قال الله تعالى: {وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [البقرة 224].
وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمرا آية77].
وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: سمعت رَسُولَ اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  يقول: ((الْحَلِفُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مَمْحَقَةٌ لِلرِّبْحِ))([32]).
ويظهر ابتعاد التاجر عن الحلف في أمور من أهمها:
أ_ أن يعظم اسم الله تعالى فلا يحلف حتى ولو كانت بضاعته من أجود البضاعات.
ب_ أن لا يحلف على المواعيد التي يبرمها مع المشتري من أجل تسليم الشيء المباع.
ج_ أن يتجنب المواقف التي تجبره على الحلف أمام القاضي.
·       الوفاء بالكيل والميزان:
فالتاجر المسلم إذا كال أو وزن لا يأخذ أكثر من حقه، ولا يعطي الناس أقل من استحقاقهم، وخلاف ذلك يضعف ثقة الناس به، وينصرفون عن معاملته، فتخسر تجارته وينفضون عنه، إضافة إلى عذاب الله الأليم الذي أعده الله له يوم القيامة، قال الله تعالى: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ . الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } [المطففين آية3،2،1].
ويظهر وفاء التاجر بالكيل والميزان بما يلي:
أ_ أن يعين عند المكيال أو الميزان من العمال من يثق بدينه وأمانته.
ب_ أن يتعهد مكياله وميزانه بالصيانة الدورية.
ج_ أن يتعهد مكياله وميزانه بالنظافة الفورية.
د_ استعمال المكاييل المضبوطة، والموازين الصحيحة.
·       حسن الطلب:
من أخلاق التاجر المسلم أن يحسن الطلب عند حلول دفع الثمن، فيقبل التأجيل، أو المسامحة إذا رأى أن حالة المدين لا تسمح له بالسداد، قال الله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }[البقرة آية280].
وروى الشيخان عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم قال: ((كان تَاجِرٌ يُدَايِنُ الناس فإذا رَأَى مُعْسِرًا قال لِفِتْيَانِهِ: تَجَاوَزُوا عنه، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ الله عنه)) وفي مسلم بعد هذا الحديث أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ طَلَبَ غَرِيمًا له، فَتَوَارَى عنه، ثُمَّ وَجَدَهُ، فقال إني مُعْسِرٌ، فقال: آللَّهِ، قال: آللَّهِ، قال: فَإِنِّي سمعت رَسُولَ اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  يقول: ((من سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ الله من كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عن مُعْسِرٍ، أو يَضَعَ عنه))([33]).
ويظهر حسن الطلب عند التاجر فيما يأتي:
أ_ أن يطالب بحقه في لين ورفق.
ب_ أن يتخير الأوقات المناسبة للمطالبة بحقه، فلا يعمد إليها في حالة مرض أو إعسار.
ج_ أن يتجنب إحراج المدين أمام الناس.
د_ ألا يرفع أمره لأولياء الأمر، إلا إذا وجده يتلاعب بأداء الحق.
·       قبول الإقالة:
إن من أرفع أخلاق التجار اليوم أن يقبل رد المبيع ممن يرد بضاعته لتضرره بها، ولا ينبغي أن يرضى لنفسه أن يكون سببًا لضرر أخيه المسلم، فعن أبي هُرَيْرَةَ قال: قال رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَهُ الله عَثْرَتَهُ))([34]).
ويظهر قبول الإقالة عند التاجر فيما يأتي:
أ_ أن يقبل الإقالة بدون مقابل، فلا يطالبه بمال مقابل إرجاع البضاعة.
ب_ ومن حسن الإقالة إرجاع مال المشتري مباشرة.
·       تجنب الاحتكار:
من أخلاق التاجر أن لا يدخر السلعة ينتظر غلاء سعرها والناس بحاجة ماسة لها، فعلى التاجر أن يتحلى بالقناعة وعدم الطمع في الربح الكثير الناشئ عن احتكاره للسلعة كان سَعِيدُ بن الْمُسَيَّبِ يحدث أَنَّ مَعْمَرًا قال: قال رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ))([35])
ويظهر خلق عدم الاحتكار عند التاجر بالآتي:
أ_ الإسراع في بيع البضاعة التي تعطلت مصالح الناس عليها.
ب_ التقليل قدر الإمكان من سعر البضاعة عند اشتداد سعرها في الأسواق.
·       تطهير المال بالزكاة والصدقة:
فعلى التاجر أن يتعلم أجناس الأموال المزكاة والمقادير الواجبة، فيخرج زكاتها متى بلغت النصاب، فما نقص مال من صدقة قط؛ فالزكاة تطهر ماله من الخبث، وتنقيه من الآفات، وتبعد النفس عن رذيلة البخل، وتنميها على فضيلة الكرم، وتثمر بها المحامد والمعالي، وتستجلب البركة، قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا }[البقرة 103].
وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة آية34_35].
وعن عبد اللَّهِ بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه، يَبْلُغُ بِهِ النبي  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  قال: ((ما من رَجُلٍ لا يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ إلا جَعَلَ الله يوم الْقِيَامَةِ في عُنُقِهِ شُجَاعًا، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا مصداقه من كِتَابِ اللَّهِ عز وجل  {ولا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ الله من فَضْلِهِ} الآيَةَ وقال مَرَّةً قَرَأَ رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  مصداقه: {سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يوم الْقِيَامَةِ}   وَمَنْ اقْتَطَعَ مَالَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ بِيَمِينٍ لَقِيَ اللَّهَ وهو عليه غَضْبَانُ، ثُمَّ قَرَأَ رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم مِصْدَاقَهُ من كِتَابِ اللَّهِ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} الْآيَة)) ([36]).
ويظهر خلق تطهير المال بالزكاة والصدقة عند التاجر بما يلي:
أ_ وجوب إخراج الزكاة في اليوم الهجري الذي وجبت فيه، وعدم تأخيرها.
ب_ إخفاء الصدقة عند إعطائها، طلبًا للإخلاص لله تعالى، وحتى لا ينكسر خاطر الفقير.
ج_ البداية بالصدقة بالأقرب الأشد حاجة ثم الذي يليه.
د_ أن يُخرج زكاتَه تبعًا للشهور الهجرية، ولا يجوز إخراج الزكاة تبعا للشهور الميلادية، لما فيه من إضاعة الزكاة على الفقير، بنحو عشرة أيام.
·       بيان عيب السلعة إن وجد:
يجب على التاجر أن يبين عيوب السلع ولا يخفيها، فهذا من بركة البيع، واتقاءً لدعوة المظلوم، وإخفاء العيوب سبب لأكل المال الحرام، ومحق البركة، فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((مَرَّ على صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فيها، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلا فقال: ما هذا يا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟! قال: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ، يا رَسُولَ اللَّهِ! قال: أَفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ الناس؟! من غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي))([37]).
ويظهر خلق بيان عيب السلع عند التاجر بما يلي:
أ_ أن يبين التاجر للمشتري عيوب السلعة الآجلة، فهناك من الأشياء لا يبين عيبها إلا بعد زمن والتاجر أعرف بها.
ب_ أن يقوم على فحص الأشياء قبل تسليمها، حتى يتأكد من خلوها من العيوب.
ج_ أن يبين للمشتري نوع السلعة هل هي أصلية أم تجارية مثلاً.
·       توثيق العقود، وضبط الصادر والوارد:
إن مما أكد عليه الإسلام في المعاملات التجارية توثيق عقود البيع والشراء، وتسجيل الصادر والوارد من الأموال؛ لما في ذلك من حفظ الحقوق، قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا...} [البقرة آية282].
ويظهر توثيق العقود، وضبط الصادر والوارد بالأمور التالية:
أ_ اختيار الأمناء من المحاسبين.
ب_ المسارعة إلى تسجيل الديون، وتسجيل الصادر والوارد دونما تأخير.
ج_ حساب الديون التي له عند إخراج الزكاة لكي يخرج زكاتها.
المبحث الثاني : واجبات التاجر  تجاه نفسه ودينه: 
هنالك جملة من الواجبات التي ينبغي على التاجر أن يلتزم بها نحو نفسه ودينه، يمكن بيانها فيما يلي:
1- الشعور بمراقبة الله تعالى له:
ويظهر ذلك بأن يتذكر دائماً أن هنالك رقيب عليه هو الله سبحانه وتعالى , يطلع على جميع حركاته وسكناته وأفعاله وتصرفاته , فيدفعه ذلك للإخلاص وفعل كل ما هو خير, واجتناب كل ما هو شر، فعن ابن عَبَّاسٍ قال كنت خَلْفَ رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  يَوْمًا فقال: ((يا غُلامُ إني أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إذا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ، وإذا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لو اجْتَمَعَتْ على أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لم يَنْفَعُوكَ إلا بِشَيْءٍ قد كَتَبَهُ الله لك، وَلَوْ اجْتَمَعُوا على أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لم يَضُرُّوكَ إلا بِشَيْءٍ قد كَتَبَهُ الله عَلَيْكَ، رُفِعَتْ الأَقْلامُ وَجَفَّت الصُّحُفُ)) ([38]).
2- العلم أمانة ومنحة من الله:
ليس بمقدور كل شخص أن يكون من التجار، فينبغي على  من آتاه الله عقلاً تجارياً أن يوقن يقيناً جازماً بأن العلم الذي يتمتع به هو أمانة يسأل عنها يوم القيامة فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لن تَزُولَ قَدَمَا عبدٍ يَومَ القِيَامَةِ حتى يُسأَلَ عن أربعِ خِصَالٍ: عَنْ عُمْرِه فيما أَفْنَاهُ؟ وعن شَبَابِهِ فيما أبلاه؟ وعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اَكتسبه وفيما أَنْفَقَهُ؟ وعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فيه؟))([39]).
وليعلم التاجر أن العلم منحة ومكرمة من الله تعالى يمده بها لحظة فلحظة، ولو تخلى عنه الحي القيوم وقطع إمداده عنه, لأصبح لا يملك من أمره أو علمه شيئاً فكم أضل الله تعالى أناساً على علم قال الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ } [الجاثية آية23].
3- القدوة:
من الواجب أن يكون التاجر قدوة في سلوكه كله ويظهر ذلك في جانبين:
1_ التزامه بما يعلمه للناس, فليس من المقبول أن ينهى عن الغش مثلاً وهو من الغشاشين، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ . كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف آية2_3].
2_ إظهار صدق توكله واعتماده على الله تعالى بعد الأخذ بالأسباب, ليكون قدوة عملية، وأنه لا يملك من الأمر شيئاً, وأن الأمر بيد الله تعالى, وأن الرزق من عند الله وإنما هو سبب له، قال الله تعالى على لسان قارون: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي  أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ } [القصص آية78].
وفي المقابل لا يجلس في بيته ويتكاسل ويقول الرزق على الله تعالى، قال ابن حجر رحمه الله تعالى: ((سئل أحمد عن رجل جلس في بيته أو في المسجد وقال: لا أعمل شيئا حتى يأتيني رزقي، فقال: هذا رجل جهل العلم: فقد قال النبي  صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (("إن الله جعل رزقي تحت ظل رمحي")) ، وقال: (("لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير؛ تغدو خماصاً، وتروح بطاناً"، فذكر أنها تغدو وتروح في طلب الرزق، قال وكان الصحابة يتجرون ويعملون في نخيلهم والقدوة بهم))([40]).
3- الدعوة إلى الله تعالى:
تبرز أهمية دعوة التاجر إلى الله تعالى عند مبايعة المشتري، إما من خلال حسن تعامله وخلقه، أو من خلال كلامه معه بالقول الطيب الحسن فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ الله بِكَ رَجُلا خَيْرٌ لك من أَنْ يَكُونَ لك حُمْرُ النَّعَمِ))([41]).
4_ أن لا ينسى سوق الآخرة:
التاجر المسلم لا يمنعه سوق الدنيا عن سوق الآخرة وأسواق الآخرة هي المساجد، فلا يكون حرصه على التجارة أكثر من حرصه على الجمع والجماعات، قال الله تعالى: {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ} [النور آية 37].
5_ صلاة الاستخارة:
ما أحوج التاجر إلى الله تعالى، فيستمد منه العون والقوة والتوفيق، فإذا أراد أمرًا مهما (بيع، شراء، وكالة،...)  فزع إلى الصلاة، يستخير الله تعالى في هذا الأمر، وقد قيل ما خاب من استشار وما ندم من استخار عن جَابِرٍ رضي الله عنه قال: ((كان النبي  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ في الْأُمُورِ كُلِّهَا كَالسُّورَةِ من الْقُرْآنِ _يقول_ إذا هَمَّ أحدكم بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يقول: اللهم إني أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ من فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ ولا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ، ولا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللهم إن كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هذا الْأَمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، أو قال في عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِه،ِ فَاقْدُرْهُ لي، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هذا الأَمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، أو قال: في عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِه،ِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عنه، وَاقْدُرْ لي الْخَيْرَ حَيْثُ كان، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ، وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ))([42]).
6_تقوى الله تعالى:
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر آية18].
 على التاجر المسلم أن يظهر عليه آثار تقواه لله تعالى في تعاملاته، فالتقوى مراقبة الله تعالى، ومحبته، والخوف منه، وخشيته، وفعل الخير ابتغاء رضوانه ورحمته، وتجنب الشر اتقاءً لسخطه ونقمته، وهي سبب العون من الله تعالى، ومبعث التوفيق، وسبب الأمن، وسفينة النجاة، وطريق الفوز والنجاح، وتبعث نوراً في القلب يفرق به صاحبه بين الحق والباطل، وتصون صاحبها من الاستمرار في الغفلات، وتكفر السيئات، وسبب سعة الرزق، ومن أعظم ثمرات التقوى الخلود في الجنة والنجاة من النار، قال الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران آية102]، وعن عبد الله بن مسعود في قوله: {اتقوا الله حق تقاته}. قال: ((أن يطاع فلا يعصى وأن يشكر فلا يكفر وأن يذكر فلا ينسى))([43]).
المبحث الثالث: آداب التاجر نحو  الآخرين:
 هنالك جملة من الآداب ينبغي أن يقوم بها التاجر تجاه المشتري نوجزها ومن أهمها:
1- حسن استقبال المشتري دوماً بوجه صبوح طلق وبشوش:
   فالتاجر الناجح يستقبل المشترين بطلاقة وجه وابتسامة , ولا يظن أن ضغوط العمل تبرر له أن يلق المشتري وهو عابس عاقد الحاجبين مكفهر الوجه خافت الكلمات , فقد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نستقبل الناس بابتسامة عن أبي ذَرٍّ قال قال رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم:  ((تَبَسُّمُكَ في وَجْهِ أَخِيكَ لك صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عن الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ في أَرْضِ الضَّلالِ لك صَدَقَةٌ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ لك صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عن الطَّرِيقِ لك صَدَقَةٌ، وَإِفْرَاغُكَ من دَلْوِكَ في دَلْوِ أَخِيكَ لك صَدَقَةٌ))([44]).
2- التواضع ولين الجانب تجاه المشتري ومساعدة الآخرين واحترمهم:
  على التاجر أن يتواضع للمشتري, فلا يتعالى على المشتري ولا ينظر إليه نظرة دونية أو يسخر منه مهما كان مستواه أو الاجتماعي أو انتمائه الديني أو العرقي، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ }[الحجرات آية11].
عن ابن عباس عن النبي  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  قال: ((من مشى في حاجة أخيه كان خيرا له من اعتكافه عشر سنين ومن اعتكف يوما ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق كل خندق أبعد مما بين الخافقين))([45])
3_ التقدير الصادق:
وعلى التاجر _إذا لزم الأمر_  أن يتحرَّ الصدق والأمانة في تقييمه لعمل الآخرين له في التجارة إذا عرض عليه تقييمه, فلا يبخس حقهم, ولا يبالغ في مدحه والثناء عليه, فهذه أمانة، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء آية 135]، عن تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النبي  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  قال: ((الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قال لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ ولأئمة الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ))([46]).
4_ العفو والصفح عن الآخرين:
على التاجر أن يقابل الإساءة الصادرة من الآخرين له بالعفو والصفح بل يقابلها بالحسنة, فإن ذلك أجدر بزوال العداوة، قال الله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } [فصلت آية34].
 فالتاجر عند الإساءة أمام أحد أمرين إما أن يعفو وينال الأجر الكبير عند الله تعالى, وإما أن يسوي الخلاف بالطرق الودية, فإن لم يسو الخلاف, يرفع الأمر إلى الجهة المختصة لفصل النزاع، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } [النساء آية59].

المبحث الرابع: واجبات التاجر نحو المؤسسة التي يعمل بها:
قد ينتسب التاجر إلى غرفة أو مؤسسة تجارية فتظهر أخلاقه على الشكل الآتي:
1- المحافظة على سمعة المؤسسة التي يعمل بها:
على التاجر أن يحافظ على سمعة وكرامة المؤسسة التي يعمل بها, وأن يساهم مساهمة فاعلة في تطوير أدائها والارتقاء بها, فكما أنه لا يجوز له أن يثني على المؤسسة بما ليس فيها، فكذلك لا يجوز له أن يذمها بما ليس فيها, بل الواجب أن يكون موضوعياً, وأن يقابل إحسان المؤسسة له بالإحسان قال الله تعالى: {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } [الرحمن آية60].
2- الالتزام بقوانين وأنظمة المؤسسة التي يعمل بها:
على التاجر أن يكون ملتزماً بالقوانين واللوائح والأنظمة والتعليمات النافذة في المؤسسة التي يعمل بها, وهذا من صلب الشريعة الإسلامية، فالوفاء بالعهود مطلب شرعي، وطاعة ولي الأمر واجبة إن تعلق الأمر به، ولكن لا بد هنا من التنبيه بأن الطاعة والالتزام بالقوانين مقيدة بعدم مخالفة شرع الله، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فعن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  قال: ((المسلمون عند شروطهم ما وافق الحق))([47]).
3- المحافظة على ممتلكات المؤسسة التي يعمل بها:
على التاجر أن يحافظ على ممتلكات المؤسسة, وأن يستخدمها الاستخدام الأمثل, بل إن التاجر وغير التاجر مطالب بالمحافظة على المال وعدم إضاعته أو العبث به.
 4- أن يحترم أعضاء المؤسسة ويوقرهم وأن يبدي ملاحظاته، لهم بطريقة لائقة محببة.
5-  كتابة تعليماته التجارية بصورة واضحة وإعطائها لهم, والتأكد من تنفيذها ما أمكن.
6 – أن يستمع إلى ملاحظات الموظفين ونقدهم وتحفظاتهم بالنسبة لتعليماته التجارية بنظرة موضوعية وبدون تعال, فلكل فارس كما يقال كبوة, ولا يوجد أحد معصوم عن الخطأ إلا الأنبياء عليهم السلام.

المبحث الخامس: آداب المسلم في الأسواق:
1 - الإكثار من ذكر الله:
حث الله تعالى على الإكثار من ذكر الله تعالى، ومداومة السلم عليه من أكبر الأدلة على محبة الله تعالى له، ومحبته لله تعالى قال الله تعالى: {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور آية37].
لكن يعظم أجر الذكر في كل موطن عظمه الله تعالى كبيت الله الحرام، وفي كل موطن غفل الناس فيه عن الله تعالى، ومن ذلك الأسواق.
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ دخلَ السوقَ فباعَ فيها واشترى، فقال: لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ له، لهُ الملكُ وله الحمدُ يحيي ويميتُ وهو على كل شيءٍ قديرٌ، كتبَ اللهُ له ألفَ ألفَ حسنةٍ، ومحا عنه ألفَ ألفَ سيئةٍ وبنى له بيتاً في الجنةِ))([48]).
2- ترك الخصام واللجاج:
من أخلاق التاجر الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ومنها ترك الخصام واللجاج، فقد روى البخاري رحمه الله تعالى عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه في صفة النبي صلى الله عليه وسلم  في التَّوْرَاةِ قال: ((أَجَلْ والله إنه لَمَوْصُوفٌ في التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ في الْقُرْآنِ: {يا أَيُّهَا النبي إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ، أنت عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ، ليس بِفَظٍّ ولا غَلِيظٍ ولا سَخَّابٍ في الأَسْوَاقِ، ولا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ الله حتى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا لا إِلَهَ إلا الله، وَيَفْتَحُ بها أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا))([49]).
3_ بذل السلام:
ومن عظيم فضل الله تعالى علينا أن أعطانا اسما من أسمائه _وهو السلام_ نذكره عند تحية بعضنا لبعض، وبذل هذه التحية مما يوجب المحبة ويزيد الألفة، فعن أبي هُرَيْرَةَ قال: قال: رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم: ((لا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حتى تُؤْمِنُوا ولا تُؤْمِنُوا حتى تَحَابُّوا أَوَلا أَدُلُّكُمْ على شَيْءٍ إذا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ))([50]).
وقيل: كان أبو هريرة رضي الله عنه ينزل إلى السوق ليس له حاجة إلا بذل السلام.
4 - عدم أذية المسلمين:
تحرم أذية المسلمين بأي لون أو شكل من كلام أو فعل أو إشارة وتزيد الإساءة جرما إذا كانت في مجمع للناس كالأسواق، لما في ذلك من التشهير بمن وقع عليه الإيذاء، أو توسع دائرة المشكلة، وقد ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم لونا واحدًا من الإيذاء وهو الإيذاء بالسلاح من غير قصد، فكيف لو كان بقصد؟!.
فقد روى البخاري ومسلم عن أبي مُوسَى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: ((إذا مَرَّ أحدكم في مَسْجِدِنَا، أو في سُوقِنَا وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ على نِصَالِهَا، أو قال: فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ؛ أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا من الْمُسْلِمِينَ منها بشيء))([51]).
5- غض البصر:
قال الله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ...} [سورة النور آية30_31].
 من المعلوم أن السوق من أحب الأماكن لشياطين الأنس والجن، وبالتالي فلابد للإنسان من غض بصره عن النظر إلى ما حرم الله، والتحصن عند دخوله السوق بالأذكار الشرعية، ولأن النساء في زمننا هذا أكثرن من الخروج من بيوتهن وولوجهن إلى الأسواق، وعلقت صور النساء على مداخل الأسواق وواجهات المحلات، فيجب غض البصر، وكف الأذى.
فعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: ((إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ في الطُّرُقَاتِ، قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ! ما لنا بُدٌّ من مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فيها؟ قال رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم: فإذا أَبَيْتُمْ إلا الْمَجْلِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ، قالوا: وما حَقُّهُ؟ قال: غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَالأمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عن الْمُنْكَرِ))([52]).
6- الحذر عن بيع كل ما فيه حق للآخرين بغير رضاهم كالأدوات المسروقة والمغصوبة:
قال الله - تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [سورة النساء آية29]. فالإسلام طيب، فلا يحب من الكسب إلا الطيب.
7- عدم خروج النساء إلى الأسواق إلا لضرورة:
قال الله تعالى: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله} [الأحزاب آية33].
إن على النساء التحلي بخلق الحياء والحشمة، وأن يتَّقين الله - تعالى- في كل وقت وفي كل مكان، وعلى المرأة أن لا تكون خراجة ولاجة، بل عليها القرار في بيتها ما أمكنها، والاعتناء بتربية أبنائها، والمحافظة على صلاتها، وطاعة زوجها، وصوم شهرها، وحفظ لسانها إلا من خير، اقتداء بنساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم  فإذا فعلت ذلك دخلت الجنة بإذن ربها.
وعلى الرجال كذلك تقوى الله، وعدم مضايقة النساء ومزاحمتهن في الأسواق، والالتزام بآداب وأخلاق المسلمين.
المبحث السادس: واجبات التاجر نحو علمه المفروض عليه:
قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [فاطر آية28]، دلت هذه الآية الكريمة أن الخشية الحقيقية من الله تعالى والتي هي ذروة التقوى وعمادها، إنما تصدر عن العلماء العارفين بأمور الدين، وأعلى درجات العلم في الدين من جمع الله لهم بين العلم بالأحكام وبين التطبيق العملي، والتاجر العالم بأحكام تجارته، هو من أهل هذا الفضل، من هنا رأيت أن أضمن هذا الباب أهم الأحكام الواجب على التاجر أن يتعلمها، وإليك ذلك. 
1_واجب التاجر في معرفة أركان البيع:
على التاجر أن يعلم أركان البيع وهي خمسة([53]):
أ:البائع. 
ب_ المشتري: ويشترط في كل واحد من البائع والمشتري ثلاثة أمور: 1_التمييز، 2_ وأن يكونا مالكين، أو وكيلين، 3_ وأن يكونا طائعين غير مكرهين.
ج_ الثمن.
د_ المُشترى: ويشترط في كل واحد منهما أربعة شروط: وهي
1_ أن يكون طاهرًا فلا يجوز بيع النجس كالخمر والخنزير.
 2_ منتفعًا به، فلا يجوز بيع الكلب _غير الصيد_ وآلات اللهو.
 3_ معلومًا، فلا يجوز بيع المجهول.
 4_ مقدورًا على تسليمه؛ فلا يجوز بيع السمك في الماء مثلا.
هـ_ صيغة العقد: وهو اللفظ وما في معناه من قول أو فعل يقتضي الإيجاب.
2_ واجب التاجر في معرفة أصول الربا:
الربا: زيادة على رأس المال منهي عنها شرعًا.
والربا محرم بالكتاب والسنة والإجماع, وهو من الكبائر, ومن السبع الموبقات, ولم يؤذن الله تعالى في كتابه عاصيًا بالحرب سوى آكل الربا, ومن استحله فقد كفر - لإنكاره معلومًا من الدين بالضرورة - فيستتاب, فإن تاب وإلا قتل, أما من تعامل بالربا من غير أن يكون مستحلاً له فهو فاسق.
 قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة آية275]، وروى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ((اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ وما هُنَّ قال الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ التي حَرَّمَ الله إلا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يوم الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاتِ))([54]).
أ_ أنواع الربا:
الربا نوعان: ربا الفضل، وربا النسيئة:
1_ ربا النسيئة : وهو الزيادة في الدَّين نظير الأجل أو الزيادة فيه وسمي هذا النوع من الربا ربا النسيئة من أنسأته الدين : أخرته - لأن الزيادة فيه مقابل الأجل أيا كان سبب الدين بيعًا كان أو قرضًا. 
 2 - وربا الفضل: ويكون بالتفاضل في الجنس الواحد من أموال الربا إذا بيع بعضه ببعض، كبيع درهم بدرهمين نقدًا، أو بيع (كيلو) قمح (بكلوين) من القمح.
ب_أجناس الأموال المحرمة في الربا:
الأجناس التي نص على تحريم الربا فيها ستة وهي : الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح، فعن عُبَادَةَ بن الصَّامِتِ قال قال رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم:((الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ فإذا اخْتَلَفَتْ هذه الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذا كان يَدًا بِيَدٍ)) ([55]).
واتفق أهل العلم على أن ربا الفضل لا يجري إلا في الجنس الواحد، ولا يجري في الجنسين.
وكل شيئين اتفقا في الاسم الخاص من أصل الخلقة كالتمر البرني والتمر المعقلي فهما جنس واحد, وكل شيئين اختلفا في الاسم من أصل الخلقة كالحنطة والشعير والتمر والزبيب فهما جنسان.
وذهب عامة أهل العلم إلى أن تحريم الربا لا يقتصر على الأجناس الستة، بل يتعدى إلى ما في معناها ، وهو ما وجدت فيه العلة التي هي سبب التحريم في الأجناس المذكورة في الحديث؛ لأن ثبوت الربا فيها بعلة، فيثبت في كل ما وجدت فيه العلة التي هي سبب التحريم؛ لأن القياس دليل شرعي، فتستخرج علة الحكم ويثبت في كل موضع وجدت علته فيه .
اتفق عامة الفقهاء على أن تحريم الربا في الأجناس المنصوص عليها إنما هو لعلة، وأن الحكم بالتحريم يتعدى إلى ما تثبت فيه هذه العلة، وأن علة الذهب والفضة واحدة، وعلة الأجناس الأربعة الأخرى واحدة.
قال بعض الفقهاء: العلة : الجنس والقدر، وعرف القدر بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ((مثلا بمثل)) ويعني بالقدر الكيل فيما يكال والوزن فيما يوزن.
فالعلة في الذهب والفضة أنهما يستعملان أثمانًا فيقاس عليهما كل الأوراق النقدية، وبناء على ذلك يحرم شراء الذهب من عند بائع الذهب بالدين إلى أجل بل يجب أن يكون يداً بيد.
والعلة في البر والشعير والتمر والملح أنها مما يُقتات ويُدَّخر فيقاس عليها الأرز والذرة وما شابهها.
فإذا اتّحد الجنس في البدلين حرمت الزيادة وحرمت النسيئة، كبيع 2 (كغ) تمر بـ 3 (كغ) رطب، فهذا حرام ويجب التساوي، وكبيع الذهب الجديد المصوغ بالذهب المستعمل، وهذا يجب فيه التساوي.
إذا اختلف الجنس في البدلين حلت الزيادة حرمت النسيئة، كبيع 2 (غ) ذهب  بـ 15 (غ) فضة فهذا يجوز إن كان التسليم في المجلس نفسه، ويحرم تأخير أحدهما في التسليم.
ومثال ذلك أيضا: بيع الحنطة في سنبلها بحنطة صافية من التبن, هو غير جائز شرعا لما فيه من جهل التساوي بين العوضين.
وبيع الرطب على النخل بتمر, وهو غير جائز شرعا; لما فيه من عدم العلم بالمماثلة.
وبيع السلعة بثمن إلى أجل, ثم شراؤها من المشتري بأقل من ذلك الثمن, وهي حرام عند جمهور الفقهاء - لأنه من الربا أو ذريعة إلى الربا.
3_ واجب التاجر في معرفة أنواع البيوع الممنوعة:
على التاجر أن يتعلم أنواع البيوع الممنوعة لكي لا يقع فيها، فقد منع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنواعا من البيوع لما فيها من الغرر المؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل، والغش المفضي إلى إثارة الأحقاد والنزاع والخصومات بين المسلمين، ومن هذه البيوع([56]):
أ_ بيع السلعة قبل قبضها وبيع ما ليس عنده:
لا يجوز للتاجر المسلم أن يبيع ما ليس عنده، إلا في عقد السلم([57]) فعن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النبي  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  قال: ((من ابْتَاعَ طَعَامًا فلا يَبِعْهُ حتى يَسْتَوْفِيَهُ))([58]).
ب_ بيع المسلم على المسلم:
لا يجوز للتاجر أن يذهب لمشترٍ قد اشترى بضاعة من تاجر آخر، ويقول له ردها إليه وأبيعك مثلها أقل من ذلك فعن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  قال: ((لا يَبِيعُ بَعْضُكُمْ على بَيْعِ أَخِيهِ))([59]).
ج_ بيع الغَرَر:
نهى الإسلام عن كل بيع فيه جهالة وخديعة من حيث المبيع أو من حيث صيغة العقد، فلا يجوز المعدوم أو المجهول، كبيع الطير وهو في الهواء، وبيع الحديد وهو مازال تحت الأرض، وكبيع الحاويات قبل أن تفتح ولا يدري ما في داخلها فعن عبد اللَّهِ بن مَسْعُودٍ قال: قال رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لاَ تَشْتَرُوا السَّمَكَ في الْمَاءِ فإنه غَرَرٌ))([60]).
تنبيه: يحرم على البائع إذا عرف جهل المشتري بالثمن أن يغره ويفرط في بيعه بالغلاء، بل يجب عليه نصحه ومعاملته كما يعامل غيره بالمعروف([61]).
د_ بيع بيعتين في بيعة:
فلا يجوز للمسلم أن يعقد بيعتين في بيعة واحدة، ومثال ذلك: أن يقول لآخر: بعتك السيارة بخمسة آلاف درهم إذا أعطيتني الدراهم الآن، أو بسبعة آلاف إذا أعطيتني الدراهم بعد شهر ويمضي البيع، ولم يتبين له أي البيعتين أمضاها، فمثل هذا البيع حرام لا يصح، فعن أبي هُرَيْرَةَ قال قال النبي  صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من بَاعَ بَيْعَتَيْنِ في بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أو الرِّبَا))([62]).
هـ _ بيع النجش:
وهو أن يزيد الرجل في الثمن ولا يريد شراء السلعة, ليرغب غيره، أو أن يمدح السلعة بما ليس فيها ليروجها، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ذلك؛ لما فيه من غبن المشتري، بزيادة السعر عليه، فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال نهى رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم (( أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ ولا تَنَاجَشُوا ولا يَبِيعُ الرَّجُلُ على بَيْعِ أَخِيهِ ولا يَخْطُبُ على خِطْبَةِ أَخِيهِ ولا تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ ما في إِنَائِهَا))([63]).
و_ بيع المُحرَّم والنجس:
كل ما حرم الله الانتفاع به، أو كان نجسا، فإنه يحرم بيعه وأكل ثمنه([64])، مثل بيع الأصنام، والصور المحرمة، وآلات اللهو، وبيع الخنزير، والخمور، والمخدرات التي لا لغرض التداوي.
ز_ بيع الدين بالدين:
لا يجوز للتاجر أن يبيع دينا بدين، إذ هو في حكم بيع المعدوم بالمعدوم، ومثال ذلك: أن يكون لك على رجل 200 (كغ) من القمح إلى وقت معين، فتبيع هذا القمح إلى رجل آخر بألف درهم إلى وقت معين آخر عن ابن عمر أن النبي  صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((نهى عن بيع الكالئ بالكالئ))([65]).
ح_ بيع العِينة:
لا يجوز للمسلم أن يبيع سلعة بثمن إلى أجل معلوم, ثم يشتريها نفسها نقدا بثمن أقل, وفي نهاية الأجل يدفع المشتري الثمن الأول, والفرق بين الثمنين فضل هو ربا, للبائع الأول، وتئول العملية إلى قرض عشرة , لرد خمسة عشر, والبيع وسيلة صورية إلى الربا عَنِ ابن عُمَرَ عَنِ النبي  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  قال: ((لَئِنْ تَرَكْتُمُ الْجِهَادَ وَأَخَذْتُمْ بَأَذْنَابِ الْبَقَرِ وَتَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ لَيُلْزِمَنَّكُمُ الله مزلة في رِقَابِكُمْ لاَ تَنْفَكُّ عَنْكُمْ حتى تَتُوبُوا إلى اللَّهِ وَتَرْجِعُوا على ما كُنْتُمْ عليه))([66]).
ط_ بيع المصراة:
لا يجوز للمسلم أن يصري الشاة أو البقرة...، بمعنى أنه يجمع لبنها في ضرعها أيامًا لترى وكأنها حلوب، فيرغب الناس في شرائها، لما في ذلك من الغش، والخديعة عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  قال: ((لا يُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ لِبَيْعٍ ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ على بَيْعِ بَعْضٍ ولا تَنَاجَشُوا ولا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ ولا تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذلك فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا من تَمْرٍ))([67]).
ي_ بيع الحاضر لباد:
وهو أن يقدم صاحب السلعة إلى بلد، ويريد أن يسارع في بيعها فيقول له الحضري (تاجر البلد) اتركها عندي حتى أغالي في ثمنها وأنتظر ارتفاع الأسعار، فهذا مما نهى الشارع عنه كما في حديث أبي هريرة السابق؛ لما فيه من تأخير الرزق على الناس.
ك_ تلقي الركبان:
نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن استقبال التجار قبل دخولهم البلد أو السوق؛ ليأخذ منه البضاعة بأقل من سعر البلد أو السوق الحالي كما في حديث أبي هريرة السابق؛ لما فيه من الغبن في حق البائع.
ل_ البيع وقت النداء لصلاة الجمعة:
 لا يجوز البيع أو الشراء عند صلاة الجمعة لقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة آية9]. 
م_ بيع الثُّنْيَا:
هو أن يبيع الرجل شيئا ويستثني بعضه غير المعلوم, وبيع الثنيا من البيوع المنهي عنها، فعن جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  نهى عن الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَالْمُخَابَرَةِ وَالثُّنْيَا إلا أَنْ تُعْلَمَ([68]).   
الخاتمة
لا شك أن عدد الناجحين وفق المنظور الشرعي بالنسبة لمجموع عدد التجار الكلي قليل، فكيف تكون تاجراً ناجحاً؟
وقبل أن نتكلم عن سبل ذلك, يجب أن نعلم جيداً أن شرعنا أمر بالعلم والاستزادة منه, حتى جعله سبيلاً لدخول الجنة, ولو استعرضت الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي تأمر بالعلم وتحض عليه لخرجت بسفر عظيم لا مثيل له يكفيك أن تعلم أن أول آية نزلت على نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم , تأمر بالقراءة والعلم قال تعالى : {اقرأ بسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم} [العلق آية1-2] وقال تعالى آمراً نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم : {وقل رب زدني علماً} [طه آية114].
ويمكن حصر عوامل النجاح فيما يلي :
أ – الالتجاء إلى الله تعالى وتقواه أول خطوة لتحقيق الكفاءة التجارية، طلبًا منه العون والتوفيق، مع التسليم لله تعالى بأن كل مقدراته تنطوي على حِكمٍ، وفوائد لصالح المسلم، فما بعثه الله تعالى وما قدره فعلى الرأس والعين، ومما يلحق بهذا الأمر الاطلاع المستمر على أحكام الدِّين في مجال البيوع.
ب_ الاستفادة من الخبرات العلمية والعملية ممن كان له باع في التجارة، فمن ليس له كبير ليس عنده تدبير، والخبرة العلمية تأتي عن طريقين:
1_ مصاحبة التجار الأبرار ممن لهم قدم راسخة في مجال التجارة، والاستفادة من خبراتهم، وعرض المشاريع عليهم.
2_ الاطلاع  على آخر ما توصل إليه العلم في مجال التجارة بشكل عام، وفي اختصاصه بشكل خاص؛ لأن العلم يتطور وكثيراً ما يأتي بحقائق تخالف ما كان يعرف من قبل, ويتم ذلك من خلال الأمور التالية:
- الاشتراك في المجلات التخصصية والدوريات الشهرية.
- حضور المؤتمرات والمعارض التجارية السنوية.
 -  تصفح المواقع التجارية على شبكة الإنترنت.
ج- الالتزام بالأخلاق والواجبات التي سبق ذكرها.
إن التحلي بالأخلاق والقيام بالواجبات التي سبق تفصيلها, من أهم عوامل النجاح،  بل ربما يكون الحجر الأساس والسبب الأول في نجاح التاجر, فحسن التعامل مع المشتري وفق تلك  المعايير الأخلاقية والواجبات العملية, هو السبيل الأمثل للتفوق والنجاح والتوفيق  إن شاء الله تعالى.
د_ الدراسة والاطلاع على علم نفسية المشتري:
تهتم المعاهد والمؤسسات التجارية اليوم بالدراسات النفسية للمشتري, وهو علم قائم بحد ذاته نهيب بالتاجر الاطلع عليه تفصيلاً, لأنه يساهم في عملية التسويق إلى درجة كبيرة، ويتعرف التاجر من خلاله على فن التعامل مع المشتري ضمن الضوابط والمعايير التي سبق ذكرها.
وفي نهاية المطاف أسأل الله تعالى أن يكون عملنا هذا خالصاً لوجهه الكريم, وأن ينفع به العباد والبلاد، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.
المستدرك على الصحيحين ج2/ص8
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنبأ محمد بن شاذان الجوهري حدثنا معلى بن منصور أنبأ إسماعيل بن زكريا أن عبد الله بن عثمان بن خثيم حدثهم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة بن رافع الزرقي عن أبيه عن جده أنه خرج مع رسول الله  صلى الله عليه وسلم  إلى المصلى بالمدينة فوجد الناس يتبايعون فقال يا معشر التجار فاستجابوا له ورفعوا أبصارهم وأعناقهم إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فقال إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى وبر وصدق هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
2145 أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد السماك ببغداد حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير قال حدثني أبو راشد الحبراني أنه سمع عبد الرحمن بن شبل يقول سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يقول إن التجار هم الفجار قالوا يا رسول الله أليس قد أحل الله البيع قال بلى ولكنهم يحلفون فيأثمون ويحدثون فيكذبون هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

المصادر والمراجع:
القرآن الكريم
إحياء علوم الدين، تأليف: محمد بن محمد الغزالي أبو حامد، دار النشر: دار االمعرفة - بيروت
أخلاقيات المهنة لرشيد عبد الحميد ومحمود الحياري، ط 2، 1985م.
آداب التاجر وشروط التجارة لأبي حذيفة إبراهيم محمد، مكتبة الصحابة بطنطا ط 1408هـ ـ 1987م.
تفسير القرآن العظيم، تأليف: إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي أبو الفداء، دار النشر: دار الفكر - بيروت – 1401
تلخيص الحبير في أحاديث الرافعي الكبير، تأليف: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني - المدينة المنورة - 1384 - 1964، تحقيق: السيد عبدالله هاشم اليماني المدني.
الجامع الصحيح المختصر، تأليف: محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي، دار النشر: دار ابن كثير , اليمامة - بيروت - 1407 - 1987، الطبعة: الثالثة، تحقيق: د. مصطفى ديب البغا أسباب النزول للواحدي  ( مطبوع مع المصحف الشريف) دار الحمصي ، دمشق.
دليل التجار إلى أخلاق الأخيار ليوسف بن إسماعيل النبهاني، ط دار الجفان والجابي.
دور القيم والأخلاق في الاقتصاد الإسلامي للدكتور يوسف القرضاوي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1417هـ ـ1996م.
سنن ابن ماجه لمحمد بن يزيد القزويني ـ دار الفكر ـ بيروت ـ تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، د.ت.
ســـنــن أبــي داود لـسـلـيـمـان بـن الأشـعـث، أبـو داود الــسـجـسـتـاني الأزدي ، دار الفكر ـ تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، د.ت.
سـنـن الـتـرمـذي لمحمد بن عيسى الترمذي ، دار إحياء الــتراث ـ بيروت ، تحقيق أحمد محمد شاكر وآخرون، د.ت.  
سنن الدارقطني، تأليف: علي بن عمر أبو الحسن الدارقطني البغدادي، دار النشر: دار المعرفة - بيروت - 1386 - 1966، تحقيق: السيد عبد الله هاشم يماني المدني
السنن الكبرى، تأليف: أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1411 - 1991، الطبعة: الأولى، تحقيق: د.عبد الغفار سليمان البنداري , سيد كسروي حسن
صحيح مسلم، لمسلم بن الحجاج النيسابوري ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.
القوانين الفقهية، تأليف: محمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي
ما لا يسع التاجر جهله للدكتور عبد الله المصلح، والدكتور صلاح الصاوي .
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، تأليف: علي بن أبي بكر الهيثمي، دار النشر: دار الريان للتراث/‏دار الكتاب العربي - القاهرة , بيروت – 1407.
المستدرك على الصحيحين لمحمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري ، دار النشر دار الكتب العلمية بيروت، 1411هـ، 1990م، المحقق مصطفى عبد القادر عطا.
مسند أحمد لأحمد بن حنبل ، مؤسسة قرطبة مصر .
المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، تأليف: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، دار النشر: دار العاصمة/ دار الغيث - السعودية - 1419هـ، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. سعد بن ناصر بن عبد العزيز الشتري.
المعجم الكبير، تأليف: سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني، دار النشر: مكتبة الزهراء - الموصل - 1404 - 1983، الطبعة: الثانية، تحقيق: حمدي بن عبدالمجيد السلفي
الموسوعة الفقهية: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - الكويت، ط 1403هـ/1982م
نصب الراية لأحاديث الهداية، تأليف: عبدالله بن يوسف أبو محمد الحنفي الزيلعي، دار النشر: دار الحديث - مصر - 1357، تحقيق: محمد يوسف البنوري.



([1])  رواه الترمذي وغيره عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وقال: حسن، سنن الترمذي، كتاب البيوع، بَاب ما جاء في التُّجَّارِ وَتَسْمِيَةِ النبي  صلى الله عليه وعلى آله وسلم  إِيَّاهُمْ، 3/515، رقم1209، المستدرك على الصحيحين 2/7، رقم2143.
([2])تفسير ابن كثير 4: 398.
([3])صحيح مسلم 4/1986، رقم  2564، بَاب تَحْرِيمِ ظُلْمِ الْمُسْلِمِ وَخَذْلِهِ وَاحْتِقَارِهِ وَدَمِهِ وَعِرْضِهِ وَمَالِهِ.
([4]) وينظر آداب التاجر وشروط التجارة لأبي حذيفة إبراهيم محمد، مكتبة الصحابة بطنطا ط 1408هـ ـ 1987م، ص14 بتصرف.
([5])  الأمر هنا للإباحة والندب لا للوجوب.
([6])  رواه الترمذي وغيره عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وتقدم تخريجه.
([7])  إحياء علوم الدين 2/62.
([8])  الآداب الشرعية والمنح المرعية لمحمد بن مفلح المقدسي، طباعة عالم الكتب 3/272.
([9])  المعجم الكبير للطبراني 19/129، رقم282، قال في مجمع الزوائد 4/325، ((رواه الطبراني في الثلاثة ورجال الكبير رجال الصحيح)).
([10]) قال الهيثمي: «رواه الطبراني في الكبير [20/60] والبزار [رقم 3437] بنحوه، ورجال الطبراني رجال الصحيح غير صامت بن معاذ وعدي بن عدي الكندي، وهما ثقتان». مجمع الزوائد كتاب البعث، باب ما جاء في الحساب، 10/627، رقم (18373). والحديث أخرجه بنحوه الترمذي عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، ثم قال: «هذا حديث حسن صحيح» سنن الترمذي، كتاب صفة القيامة، باب في القيامة 4/612، رقم (2417).
([11])المطالب العالية 7/352، رقم1434، والحديث مرسل، انظر فيض القدير 3/245،المغني عن حمل الأسفار 1/419.
([12])صحيح البخاري 1/28، بَاب فَضْلِ من اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، رقم 52، صحيح مسلم 3/1219، رقم 1599، بَاب أَخْذِ الْحَلَالِ وَتَرْكِ الشُّبُهَاتِ.
     ([13]) ينظر آداب التاجر وشروط التجارة لأبي حذيفة إبراهيم محمد، مكتبة الصحابة بطنطا ط 1408هـ ـ 1987م، ص21 فما بعدها، ما لا يسع التاجر جهله للدكتور عبد الله المصلح، والدكتور صلاح الصاوي ص7فما بعدها، دليل التجار إلى أخلاق الأخيار ليوسف بن إسماعيل النبهانيص27فما بعدها، ط دار الجفان والجابي، أخلاقيات المهنة لرشيد عبد الحميد ومحمود الحياري ص81 فما بعدها، ط 2، 1985م، دور القيم والأخلاق في الاقتصاد الإسلامي للدكتور يوسف القرضاوي ص277فما بعدعا، مؤسسة الرسالة، بيروت ،ط1417هـ ـ1996م.
([14])  حلية الأولياء 2/199.
    ([15])المعجم الكبير 19/129، رقم282، قال في مجمع الزوائد 4/325، ((رواه الطبراني في الثلاثة ورجال الكبير رجال الصحيح)).
([16]) صحيح البخاري 2/732، رقم1973، بَاب إذا بَيَّنَ الْبَيِّعَانِ ولم يَكْتُمَا وَنَصَحَا، صحيح مسلم 3/1164،رقم1532، بَاب الصِّدْقِ في الْبَيْعِ وَالْبَيَانِ.
([17]) صحيح مسلم 4/2013، رقم 2607، بَاب قُبْحِ الْكَذِبِ وَحُسْنِ الصِّدْقِ وَفَضْلِهِ.
([18])صحيح مسلم ج1/ص102، رقم  106 ،بَاب بَيَانِ غِلَظِ تَحْرِيمِ إِسْبَالِ الإِزَارِ وَالْمَنِّ بِالْعَطِيَّةِ وَتَنْفِيقِ السِّلْعَةِ بِالْحَلِفِ.
([19])  مسند أحمد بن حنبل 3/491، رقم16056، قال الحاكم رحمه الله: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)).المستدرك على الصحيحين 2/12، رقم2157.
([20])صحيح البخاري ج2/ص868، بَاب إذا خَاصَمَ فَجَرَ، رقم2327، صحيح مسلم ج1/ص78، رقم بَاب بَيَانِ خِصَالِ الْمُنَافِقِ رقم58.
([21])إحياء علوم الدين 2/80.
([22])مسند أحمد بن حنبل 2/179، رقم6677، سنن الترمذي 4/655، رقم2492، قال أبو عِيسَى هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
([23])صحيح مسلم 4/1986، رقم2564، بَاب تَحْرِيمِ ظُلْمِ الْمُسْلِمِ وَخَذْلِهِ وَاحْتِقَارِهِ وَدَمِهِ وَعِرْضِهِ وَمَالِهِ.
([24]) صحيح البخاري 2/730، رقم1970، بَاب السُّهُولَةِ وَالسَّمَاحَةِ في الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ وَمَنْ طَلَبَ حَقًّا فَلْيَطْلُبْهُ في عَفَافٍ.
([25]) سنن الترمذي 4/342، رقم 1961، بَاب ما جاء في السَّخَاءِ، قال أبو عِيسَى هذا حَدِيثٌ غَرِيبٌ...
([26])  صحيح مسلم 4/2295، رقم2999،  بَاب الْمُؤْمِنُ أَمْرُهُ كُلُّهُ خَيْرٌ.
([27])سنن الترمذي 5/111، رقم2799، بَاب ما جاء في النَّظَافَةِ.
([28])  قال الله تعالى: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا }[طه آية114].
([29])تقدم تخريجه في مقدمة البحث.
([30]) المستدرك على الصحيحين 4/141، رقم7162،  قال الحاكم رحمه الله تعالى: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه..)).
([31])صحيح البخاري 1/28، بَاب فَضْلِ من اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، رقم 52، صحيح مسلم 3/1219، رقم 1599، بَاب أَخْذِ الْحَلالِ وَتَرْكِ الشُّبُهَاتِ.
([32]) صحيح مسلم 3/1228، رقم  1606، بَاب النَّهْيِ عن الْحَلِفِ في الْبَيْعِ.
([33]) صحيح البخاري 2/731، رقم 1972، بَاب من أَنْظَرَ مُعْسِرًا، صحيح مسلم 3/1194، رقم 1562، بَاب فَضْلِ إِنْظَارِ الْمُعْسِرِ.
([34]) سنن أبي داود 3/274، بَاب في فَضْلِ الْإِقَالَةِ، رقم 2460، سنن ابن ماجه 2/741، بَاب الْإِقَالَةِ، رقم 2199، قال الحاكم رحمه الله: ((صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)). المستدرك على الصحيحين 2/52.
([35])  صحيح مسلم 3/1227، رقم1605، بَاب تَحْرِيمِ الِاحْتِكَارِ في الْأَقْوَاتِ.
([36])  سنن الترمذي 5/232، رقم 3012، باب: ومن سورة آل عمران، قال الترمذي: ((هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ))، سنن ابن ماجه 1/568، بَاب ما جاء في مَنْعِ الزَّكَاةِ، رقم1784.
([37]) صحيح مسلم 1/99، رقم 102، بَاب قَوْلِ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم  من غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا.
([38])  سنن الترمذي 4/667، رقم 2516، قال الترمذي: ((هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ))، مسند أحمد بن حنبل 1/293، رقم2669.
([39])  تقدم تخريجه في مقدمة البحث.
([40])  فتح الباري 11/305
([41])  صحيح البخاري 3/1096، رقم2847، بَاب فَضْلِ من أَسْلَمَ على يَدَيْهِ رَجُلٌ.
([42]) صحيح البخاري 5/2345، رقم 6019 ،بَاب الدُّعَاءِ عِنْدَ الاسْتِخَارَةِ.
([43]) قال في مجمع الزوائد 6/326: ((رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح، والآخر ضعيف)).
([44]) سنن الترمذي ج4/ص339، بَاب ما جاء في صَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ، رقم1956، قال أبو عِيسَى: ((هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ)).
([45]) قال الهيثمي رحمه الله تعالى في مجمع الزوائد 8/192: ((رواه الطبراني في الأوسط وإسناده جيد)).
([46])  صحيح مسلم 1/74، بَاب بَيَانِ أَنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ، رقم55.
([47])المستدرك على الصحيحين 2/57، رقم2310.
([48])المستدرك على الصحيحين ج1/ص722، قال الحاكم رحمه الله تعالى: ((هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)).
([49])صحيح البخاري ج2/ص747، رقم2018.
([50])صحيح البخاري ج2/ص747، رقم2018.
([51])صحيح البخاري ج6/ص2592، رقم6664، صحيح مسلم ج4/ص2019، رقم2615.
([52])صحيح البخاري ج6/ص2592، رقم6664، صحيح مسلم ج4/ص2019، رقم2615.
.
([53])  القوانين الفقهية لابن جزي 1/163.
([54])  ، ‏ صحيح البخاري، رقم 2615، 3/1017، بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إنما يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}، صحيح مسلم رقم 89، 1/91، بَاب بَيَانِ الْكَبَائِرِ وَأَكْبَرِهَا.
([55])  صحيح مسلم رقم 1587، 3/1211، باب الربا.
([56]) يراجع الموسوعة الفقهية الكويتية 9/143، جامع الأمهات ص348، آداب التاجر وشروط التجارة ص62، مبادئ الأخلاقيات المهنية للدكتور عبد الرزاق المضرب ص282،ط جامعة الإمارات العربية المتحدة، 1423هـ_ 200م.
([57])  بدائع الصنائع 5/237.
([58]) صحيح البخاري 2/751، رقم  2029، بَاب بَيْعِ الطَّعَامِ قبل أَنْ يُقْبَضَ وَبَيْعِ ما ليس عِنْدَكَ، صحيح مسلم 3/1159، رقم 1526، بَاب بُطْلانِ بَيْعِ الْمَبِيعِ قبل الْقَبْضِ.
([59]) صحيح البخاري 2/752، رقم2032، بَاب لا يَبِيعُ على بَيْعِ أَخِيهِ ولا يَسُومُ على سَوْمِ أَخِيهِ حتى يَأْذَنَ له أو يَتْرُكَ، صحيح مسلم 3/1154، 1412، بَاب تَحْرِيمِ بَيْعِ الرَّجُلِ على بَيْعِ أَخِيهِ وَسَوْمِهِ على سَوْمِهِ وَتَحْرِيمِ النَّجْشِ وَتَحْرِيمِ التَّصْرِيَةِ.
([60])مسند أحمد بن حنبل ج1/ص388، رقم3676، قال الهيثمي رحمه الله تعالى: ((رواه أحمد موقوفا ومرفوعا والطبراني في الكبير كذلك ورجال الموقوف رجال الصحيح وفي رجال المرفوع شيخ أحمد بن محمد بن السماك ولم أجد من ترجمه وبقيتهم ثقات)) مجمع الزوائد 4/80.
([61])روي عن بعض الغزاة في سبيل الله أنه قال: حملت على فرسي لأقتل علجا فقصر بي فرسي فرجعت، ثم دنا مني العلج، فحملت ثانية، فقصر فرسي فرجعت، ثم حملت الثالثة فنفر مني فرسي، وكنت لا أعتاد ذلك منه، فرجعت حزينا وجلست منكس الرأس منكسر القلب؛ لما فاتني من العلج وما ظهر لي من خلق الفرس فوضعت رأسي على عمود الفسطاط وفرسي قائم فرأيت في النوم كأن الفرس يخاطبني ويقول لي: بالله عليك أردت أن تأخذ على العلج ثلاث مرات وأنت بالأمس اشتريت لي علفا ودفعت في ثمنه درهما زائفا، لا يكون هذا أبدا.
قال فانتبهت فزعا فذهبت إلى العلاف وأبدلت ذلك الدرهم. إحياء علوم الدين 2/74.
([62]) سنن أبي داود ج3/ص274، رقم 3461، بَاب فِيمَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ في بَيْعَةٍ، سنن الترمذي 3/533، رقم 1231، بَاب ما جاء في النَّهْيِ عن بَيْعَتَيْنِ في بَيْعَةٍ، قال أبو عِيسَى: ((حَدِيثُ أبي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ))، سنن الترمذي 3/533، ما جاء في النَّهْيِ عن بَيْعَتَيْنِ في بَيْعَةٍ ،رقم 1231، سنن النسائي الكبرى ج4/ص43، النهي عن بيعتين في بيعة وهو أن يقول أبيعك هذه السلعة بمائة درهم نقدا وبمائتي درهم نسيئة، رقم6228.
([63]) صحيح البخاري2/752، رقم  2032، بَاب لَا يَبِيعُ على بَيْعِ أَخِيهِ ولا يَسُومُ على سَوْمِ أَخِيهِ حتى يَأْذَنَ له أو يَتْرُكَ، صحيح مسلم3/1154، رقم2033، تَحْرِيمِ بَيْعِ الرَّجُلِ على بَيْعِ أَخِيهِ وَسَوْمِهِ على سَوْمِهِ وَتَحْرِيمِ النَّجْشِ وَتَحْرِيمِ التَّصْرِيَةِ.
([64])مسند ابن الجعد 1/479،رقم3319.
([65])سنن الدارقطني 3/71، رقم269، قال ابن حجر في تلخيص الحبير 3/26 ((صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ على شَرْطِ مُسْلِمٍ فَوَهِم)).َ
([66]) مسند أحمد بن حنبل 2/42، رقم5007،  والحديث صحيح. يراجع نصب الراية 4/16، تلخيص الحبير3/19.
([67])صحيح البخاري ج2/ص755،رقم2043، بَاب النَّهْيِ لِلْبَائِعِ أَنْ لَا يُحَفِّلَ الْإِبِلَ...، صحيح مسلم  واللفظ له 3/1155، رقم1515، بَاب تَحْرِيمِ بَيْعِ الرَّجُلِ على بَيْعِ أَخِيهِ...
([68]) سنن الترمذي 3/585، رقم  1290 ، بَاب ما جاء في النَّهْيِ عن الثُّنْيَا، قال أبو عِيسَى: ((هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ)).








بحث للدكتور
 نزار محمود قاسم الشيخ

هناك تعليق واحد: